للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال في قوله: ﴿حِجْرًا مَحْجُورًا﴾، أي: عوذًا معاذًا. فيحتمل أنه أراد ما ذكره ابن جُرَيج، ولكن في رواية ابن أبي حاتم، عن ابن أبي نَجيح، عن مجاهد أنه قال: ﴿حِجْرًا مَحْجُورًا﴾، عوذا معاذًا، الملائكة [تقُوله] [١]، فالله أعلم.

وقوله تعالى: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾، [وهذا] [٢] يوم القيامة، حين يحاسب الله العباد على ما عملوه من [خير وشر] [٣]، فأخبر أنه لا يتحصل لهؤلاء المشركين من الأعمال -التي ظنوا أنها منجاة لهم- شيء؛ وذلك لأنها فقدت الشرط الشرعي؛ إما الإِخلاص فيها، وإما المتابعة لشرع الله، فكل عمل لا يكون خالصًا وعلى الشريعة المرضية، [] [٤] فهو باطل. فأعمال الكفار لا تخلو من واحد من هذين، وقد تجمعهما معًا، فتكون أبعد من القبول حينئذ؛ ولهذا قال تعالى: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾.

قال مجاهد والثورى: ﴿وَقَدِمْنَا﴾؛ أي: عمدنا. وقال السدى: قدمنا: عمدنا، وبعضهم يقول: أتينا عليه.

وقوله: ﴿فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾، قال سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن عليّ في قوله: ﴿هَبَاءً مَنْثُورًا﴾، قال [٥]: شعاع الشمس إذا دخل في الكوة. وكذا روي من غير هذا الوجه عن علي. وروي مثله [٦] عن ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جُبير، والسدي، والضحاك، وغيرهم. وكذا قال الحسن البصري: هو الشعاع في كوة أحدهم، ولو ذهب يقبض عليه لم يستطع.

وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: ﴿هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ قال: هو الماء المهراق.

وقال أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن [] [٧] الحارث، عن علي: ﴿هَبَاءً مَنْثُورًا﴾، قال: الهباء رَهْج (*) الدواب. وروي مثله عن ابن عباس أيضًا والضحاك، وقاله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.

وقال قتادة في قوله: ﴿هَبَاءً مَنْثُورًا﴾، قال: ما [٨] رأيت يبيس (**) الشجر إذا أذرته [٩]


[١]- ما ت: "تقول ذلك".
[٢]- في ت: "هذا".
[٣]- ما بين المعكوفتين في ت: "الخير والشر".
[٤]- ما بين المعكوفين في ز، خ: "وإلا".
[٥]- في خ: "على".
[٦]- سقط من: خ.
[٧]- ما بين المعكوفتين في ز، خ: "أبي".
(*) في ز، خ: "وهج". ويبدو أن الكلمة حرفت، وانقلبت الراء واوًا. والرهج: الغبار، والسحاب الرقيق كأنه غبار.
[٨]- في ت: "أما".
(**) اليَبِيس: ما يَبِس من العُشْب والبقول التي تتناثر إذا يبست.
[٩]- في ت: "ذرته".