للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأهل النار في النار، قال الله تعالى: ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا﴾. وقال عكرمة: إني لأعرف الساعة التي يدخل فيها أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار؛ [هي] [١] الساعة التي تكون في الدنيا عند ارتفاع الضحى الأكبر، إذا انقلب الناس إلى أهليهم للقيلولة، فينصرف أهل النار إلى النار، وأما أهل الجنة [فينطلق بهم إلى الجنة] [٢]، فكانت قيلولتهم [في الجنة] [٣]، وأطعموا كبد حوت، فأشبعهم [ذلك] [٤] كلهم، وذلك قوله: ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا﴾. وقال [سفيان، عن] [٥] ميسرة، عن المنهال، عن أبي عبيدة، عن عبد الله بن مسعود [أنه] [٦] قال: لا ينتصف النهار حتى يقيل هؤلاء وهؤلاء، ثم قرأ: ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا﴾. وقرأ: ﴿ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ﴾.

وقال العوفي، عن ابن عباس في قوله: ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا﴾، قال: قالوا في الغرف من الجنة، وكان حسابهم أنْ [٧] عُرضوا على ربهم [٨] عرضة واحدة، وذلك الحساب اليسير، وهو مثل قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (٧) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (٨) وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا﴾. وقال قتادة في قوله: ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا﴾ أي: مأوى ومنزلا.

و [٩] قال قتادة: وحدث صفوان بن محرز أنه قال: يجاء [يوم القيامة برجلين، كان أحدهما] [١٠] ملكا في الدنيا، إلى الحمرة والبياض فيحاسب، فإذا عبدٌ لم يعمل خيرًا [] [١١]، فيؤمر به إلى النار. والآخر كان صاحب كساء في الدنيا، فيحاسب. فيقول: يا رب، ما أعطيتني من شيء فتحاسبني به. [فيقول] [١٢]: صدق عبدي، فأرسلوه. فيؤمر به إلى الجنة، ثم يتركان ما شاء الله، ثم يدعى صاحب النار، فإذا هو مثل الحُمَمة السوداء، فيقال له: كيف وجدت؟ فيقول: شر مَقيل. فيقال له: عُدْ. ثم يُدعى بصاحب الجنة، فإذا هو مثل القمر ليلة البدر، فيقال له: كيف وجدت؟ فيقول: رب، خير مَقيل. فيقال له [١٣]: عد. رواها ابن أبي حاتم كلها.

وقال ابن جرير (٩): حدثني يونس، أنبأنا ابن وهب، أنبأنا عمرو بن الحارث، أن سعيدًا


(٩) تفسير الطبري (١٩/ ٥).