ملك منهم لم يتأمل وجه صاحبه، وكل ملك منهم واضع رأسه بين ثدييه يقول: سبحان الملك القدوس! وعلى رءوسهم شيء مبسوط كأنه القَباء، من العرش فوق ذلك. ثم وقف. فمداره على عليّ بن زيد بن جُدْعان، وفيه ضعف، وفي سياقاته -غالبًا- نكارة شديدة، وقد ورد في حديث الصور المشهور قريب من هذا، والله أعلم.
وقد قال الله تعالى: ﴿فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (١٥) وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (١٦) وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ﴾. قال شهر بن حوشب: حملة العرش ثمانية، أربعة منهم يقولون: سبحانك اللهم وبحمدك، لك الحمد على حلمك بعد علمك، وأربعة يقولون: سبحانك اللَّهم وبحمدك، لك الحمد على عفوك بعد قدرتك. رواه ابن جرير عنه.
[وقال][١] أبو بكر بن عبد الله: إذا نظر أهل الأرض إلى العرش يهبط عليهم من فوقهم، شخصت إليه أبصارهم، ورجَفَت كُلاهم في أجوافهم، وطارت قلوبهم من مقرها من صدورهم إلى حناجرهم.
وقال ابن جرير: حدثنا القاسم، حدثنا الحسين [٢]، حدثنا المعتمر بن سليمان، عن عبد الجليل، عن أبي حازم، عن عبد الله بن عمرو، قال: يهبط الله ﷿ حين يهبط وبينه وبين خلقه سبعون ألف حجاب، منها النور والظلمة، فيصوت الماء في تلك الظلمة صوتًا تنخلع منه القلوب. وهذا موقوف على [٣] عبد الله بن عمرو من كلامه، ولعلّه من الزاملتين، والله أعلم.
وقوله تعالى: ﴿الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا﴾، كما قال تعالى: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾. وفي الصحيح (١١) أن الله تعالى يطوي السموات بيمينه ويأخذ الأرضين [٤] بيده الأخرى ثم يقول: أنا الملك! أنا الديان! أين ملوك الأرض؟ أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟
وقوله: ﴿وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا﴾. أي: شديدًا صعبًا؛ لأنه يوم عدل وقضاء فصل، كما قال تعالى: ﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (٨) فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (٩) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيرُ يَسِيرٍ﴾. فهذا حال الكافرين في ذلك [٥] اليوم. وأما المؤمنون فكما قال تعالى: ﴿لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾.
(١١) صحيح مسلم حديث (٢٧٨٨) من حديث عبد الله بن عمر ﵁ وليس فيه: "أنا الديان".