للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قال أَبو عبد الرحمن النَّسائي (١٣): أخبرنا أحمد بن سليمان، حدَّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا داود، عن عكرمة] [١] عن ابن عباس؛ قال: أنزل القرآن [جملة] [٢] إلى السماء [٣] الدنيا في ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة، قال الله تعالى: ﴿وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إلا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾، و [قوله] [٤]: ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا﴾.

ثم قال تعالى مخبرًا عن سوء حال الكفار في معادهم يوم القيامة وحشرهم إلى جهنم، في أسوأ الحالات وأقبح الصفات: ﴿الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا﴾. وفي الصحيع (١٤) عن أَنس أن رجلًا قال: يا رسول الله، كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ فقال: "إن الذي أمشاه على رجليه قادر أن يُمشيه على وجهه يوم القيامة". وهكذا قال مجاهد والحسن وقَتَادة وغير واحد من المفسرين.

﴿وَلَقَدْ آتَينَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا (٣٥) فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا (٣٦) وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (٣٧) وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَينَ ذَلِكَ كَثِيرًا (٣٨) وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَال وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا (٣٩)

يقول تعالى متوعدًا مَنْ كَذَّبَ رسوله محمدًا من مشركي قومه ومَنْ خالفه، ومحذرهم من عقابه وأليم عذابه، مما [٥] أحله بالأمم الماضية المكذبين لرسله، فبدأ بذكر موسى وأنه ابتعثه [٦] وجعل معه أخاه هارون وزيرًا؛ أي: نبيًّا مُوَازرًا ومؤيدًا وناصرًا، فكذبهما فرعون وجنوده، فـ ﴿دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا﴾. وكذلك فعلَ بقوم نوح حين كذّبوا رسوله نوحًا ومن كذب برسول فقد كذب


(١٣) النَّسائي في السنن الكبرى حديث (١١٣٧٢).
(١٤) صحيح البخاري حديث (٤٧٦٠)، وصحيح مسلم حديث (٢٨٠٦).