للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن أهل [١] القرية عَدَوا على النبي، فحفروا له بئرًا فألقوه فيها، ثم أطبقوا عليه بحجر أصم [٢].

قال: فكان ذلك العبد يذهب فيحتطب [٣] على ظهره، ثم يأتي بحطه فيبيعه، ويشتري به طعامًا وشرابًا، ثم يأتي به إلى تلك البئر، فيرفع تلك الصخرة، ويعينه الله عليها، فيدلي إليه طعامه وشرابه، ثم يردها كما كانت. قال: فكان كذلك ما شاء الله أن يكون، ثم إنه ذهب يومًا يحتطب كما كان يصنع [٤]، فجمع حطبه وحزم حُزْمَته وفرغ منها، فلما أراد أن يحتملها وجد سنة، فاضطجع فنام. [فضُرِبَ] [٥] على أذنه سبع سنين [نائمًا] ثم إنه هب فتمطى، فتحول لشقه الآخر فاضطجع، فضرب الله على أذنه سبع سنين] [٦] أخرى، ثم إنه هب واحتمل حُزْمتَه ولا يحسبُ إلا أنَّه نام ساعة من نهار، فجاء إلى القرية فباع حزمته، ثم اشترى طعامًا وشرابًا كما كان يصنع، ثم ذهب إلى الحفيرة في موضعها الذي كانت فيه، فالتمسه فلم يجده. [وقد كان] [٧] بدا لقومه فيه بَداء، فاستخرجوه وآمنوا به وصدقوه.

قال: فكان نبيهم يسألهم عن ذلك الأسود: ما فعل؟ فيقلون له: ما ندري. حتَّى قبض الله النبي، وأهبَّ الأسود من نومته بعد ذلك. فقال رسول الله، : "إن ذلك الأسود لأولُ من يدخل الجنَّة".

[هكذا] [٨] رواه ابن جرير (١٥)، عن ابن حميد، عن سلمة، عن محمد [٩] بن إسحاق، عن محمد بن كعب مرسلًا وفيه غرابة ونكارة ولعل فيه إدراجًا، واللَّه أعلم [وأما ابن جرير فقال] [١٠]: لا يجوز أن يحمل هؤلاء على أنهم أصحاب الرس الذين ذكروا في القرآن؛ لأن الله أخبر عنهم أنَّه أهلكهم وهؤلاء قد بدا لهم فآمنوا [١١] بنبيهم، اللهم [١٢] أن يكون حدث لهم [١٣] أحداث آمنوا بالنبي بعد هلاك آبائهم، والله أعلم.

واختار ابن جرير أن المراد بأصحاب الرس هم أصحاب الأخدود الذين ذكروا في سورة البروج، فالله أعلم.


(١٥) تفسير الطبري (١٩/ ١٠).