للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله تعالى: ﴿وَقُرُونًا بَينَ ذَلِكَ كَثِيرًا﴾. أي: وأمم أبين أضعاف مَنْ ذُكِرَ أهلكناهم كثيرة؛ ولهذا قال: ﴿وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَال﴾ أي [١] بينا لهم الحجج، ووضحنا لهم الأدلة. كما قال قَتَادة أزحنا الأعذار عنهم ﴿وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا﴾ أي: أهلكنا إهلاكًا؛ كقوله تعالى: ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ﴾ والقرن هو: الأمة من الناس. كقوله: ﴿ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ﴾ وحده بعضهم بمائة وعشرين سنة، وقيل: بمائة سنة، وقيل: بثمانين سنة [٢]، وقيل: أربعين، وقيل غير ذلك، والأظهر أن القرن هم الأمة المتعاصرون [٣] في الزمن الواحد وإذا ذهبوا وخلفهم جيل فهم [٤] قرن ثانٍ [٥] كما ثبت في الصحيحين [عن رسول الله، ، أنَّه قال] [٦] خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم". الحديث.

وقوله: ﴿وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ﴾. يعني قرية قوم لوط وهي سدوم ومعاملتها، التي [أهلكها] [٧] بالقلب وبالمطر [الحجارة من سجيل] [٨]. كما قال تعالى: ﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ﴾ وقال: ﴿وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيهِمْ مُصْبِحِينَ (١٣٧) وَبِاللَّيلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ وقال تعالى: ﴿وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ﴾ وقال: ﴿فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ﴾ ولهذا قال: ﴿أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا﴾ أي فيعتبروا بما حل بأهلها من العذاب والنكال بسبب تكذيبهم بالرسول ومخالفتهم [٩] أوامر الله.

وقوله: ﴿بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا﴾ يعني المارِّين بها من الكفار لا يعتبرون؛ لأنهم [١٠] لا يرجون نشورًا؛ أي: معادًا يوم القيامة.

﴿وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا (٤٠) وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إلا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا (٤١) إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا (٤٢) أَرَأَيتَ مَنِ


[١]- سقط من: ز.
[٢]- سقط من: ت.
[٣]- في ت: "المتعاصرة".
[٤]- في ت: "فهو".
[٥]- في ت: "آخر".
[٦]- ما بين المعكوفتين سقط من: ت.
[٧]- في ت: "أهلكها الله".
[٨]- ما بين المعكوفتين في ت: "من الحجارة التي من سجيل".
[٩]- في ت: "بمخالفتهم".
[١٠]- في ت: "أنهم".