للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيهِ وَكِيلًا (٤٣) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إلا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (٤٤)

يخبر تعالى عن استهزاء المشركين بالرسول، ، إذا رأوه؛ كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إلا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ] [١]﴾ ". يعنون بالعيب والنقص، وقال هاهنا: ﴿وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إلا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا﴾ أي: على سبيل التنقص والازدراء قبحهم [٢] الله! كما قال ﴿وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ [فَأَمْلَيتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيفَ كَانَ عِقَابِ] [٣]﴾.

وقوله تعالى: ﴿إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيهَا﴾ يعنون أنه كاد يثنيهم [٤] عن عبادة أصنامهم [٥] لولا أن صبروا وتجلدوا واستمروا على عبادتها! قال الله تعالى متوعدًا لهم ومتهددًا: ﴿وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ [مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا] [٦]﴾.

ثم قال تعالى لنبيه منبهًا له أن من كتب الله عليه الشقاوة والإضلال [٧] فإنه لا يهديه أحد إلَّا الله ﷿ ﴿أَرَأَيتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ﴾ أي: مهما استحسن من شيء، ورآه حسنًا في هوى نفسه [كان دينه ومذهبه؛ كما قال تعالى: ﴿أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا] [٨] فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيهِمْ حَسَرَاتٍ﴾. ولهذا قال ها هنا: ﴿أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيهِ وَكِيلًا﴾. قال ابن عبَّاس: كان الرجل في الجاهلية يعبد الحجر الأبيض زمانًا فإذا رأى غيره أحسن منه عبد الثاني وترك الأول.

ثم قال تعالى: ﴿أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إلا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا﴾. أي: هم أسوأُ حالًا من الأنعام السارحة فإن تلك تفعل [٩] ما خلقت له، وهؤلاء خلقوا لعبادة الله وحده لا شريك له [] [١٠] وهم يعبدون غيره ويشركون به مع قيام الحجة عليهم وإرسال الرسل إليهم.

﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيهِ


[١]- ما بين المعكوفتين سقط من: ت.
[٢]- في ت: "فقبحهم".
[٣]- ما بين المعكوفتين سقط من: ت.
[٤]- في ت: "يفتنهم".
[٥]- في ت: "الأصنام".
[٦]- ما بين المعكوفتين سقط من: ت.
[٧]- في ت: "الضلال".
[٨]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ.
[٩]- في ز: "تعقل".
[١٠]- ما بين المعكوفتين في ت: "فلم يفعلوا".