للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وحدثنا الحسن بن محمد بن سلمة النحوي، حدثنا حبان، أنا عبد الله، أنا محمد بن مسلم، أخبرني [إبراهيم بن ميسرة] (**) قال: بلغني أن ابن مسعود مر بلهو معرضًا فلم يقف، فقال رسول الله : "لقد أصبح ابن مسعود أو أمسى كريمًا"] [١]. ثم تلا إبراهيم بن ميسرة: ﴿وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْو مَرُّوا كِرَامًا﴾.

وقوله: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا﴾ -هذه من [٢] صفات المؤمنين- ﴿الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ بخلاف الكافر فإنه إذا سمع كلام الله لا يؤثر فيه ولا يقصر عما كان عليه، بل يبقى مستمرًا على كفره وطغيانه وجهله وضلاله، كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (١٢٤) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا﴾ فقوله: ﴿لَمْ يَخِرُّوا عَلَيهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا﴾ أي: بخلاف الكافر؛ أي [٣]: الذي ذكر بآيات ربه، فاستمر على حاله، كأن لم يسمعها صم أعمى.

قال مجاهد: قوله: ﴿لَمْ يَخِرُّوا عَلَيهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا﴾ لم يسمعوا ولم يبصروا ولم يفقهوا شيئًا. وقال الحسن البصري: كم من رجل يقرؤها ويخر عليها أصم أعمى!

وقال قتادة: قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا﴾، يقول: لم يصموا عن الحق ولم يعموا فيه، فهم -والله- قوم عقلوا عن الله فانتفعوا [٤] بما سمعوا من كتابه.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أسيد بن عاصم، حدثنا عبد الله بن حُمْران، حدثنا ابن عون قال: سألت الشعبي قلت: الرجل هي القوم سجودًا ولم يسمع ما سجدوا، أيسجد معهم؟ قال: فتلا هذه الآية: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا﴾، يعني: أنه لا يسجد معهم لأنه لم يتدبر آية السجدة فلا ينبغي للمؤمن أن يكون إمعة، بل يكون على بصيرة في [٥] أمره، ويقين واضح بَيِّن.

وقوله: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾، يعني: الذين يسألون الله أن يخرج من أصلابهم وذرياتهم من يطيعه ويعبده وحده لا شريك له.

قال ابن عباس: يعنون من يعمل بالطاعة فتقر به أعينهم في الدنيا والآخرة.


[١]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ، ز.
[٢]- سقط من: ز، خ.
[٣]- سقط من: ت، والمثبت من: ز، خ.
[٤]- في ت: "وانتفعوا".
[٥]- في ت: "من".