للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قاله ابن عباس، وعكرمة، وسعيد بن جُبير، والحسن، وقتادة.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود -هو الطيالسي - حدثنا شعبة والمسعودي، عن عمرو بن مرة، سمع أبا عُبَيدة يحدث عن أبي موسى قال: قال رسول الله : "إن الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل النهار، وعمل النهار قبل الليل". زاد المسعودي: "وحجابه [النور أو] [١] النار - لو كشفها لأحرقت سُبُحاتُ وجهه كل شيء أدركه بصره". ثم قرأ أبو عُبَيدة: ﴿أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا﴾. وأصل هذا الحديث مخرج في الصحيح لمسلم، من حديث عمرو بن مرة، به (١).

وقوله: ﴿وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾. أي: الذي يفعل ما يشاء، ولا يشبه شيئًا من مخلوقاته، ولا يحيط به شيء من مصنوعاته، وهو العليّ العظيم، المباين لجميع المخلوقات، ولا يكتنفه الأرض والسموات، بل هو الأحد الصمد، المنزه عن مماثلة المحدثات.

وقوله: ﴿يَامُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ أَعْلَمَهُ أن الذي يخاطبه ويناجيه هو ربه الله العزيز الحكيم [٢]، الذي عزّ كل شيء وقهره وغلبه، الحكيم في أفعاله وأقواله.

ثم أمره أن يلقي عصاه من يده؛ ليظهر له دليلًا واضحًا على أنه الفاعل المختار، القادر على كل شيء، فلما ألقى موسى تلك العصا من يده انقلبت في الحال حَيَّةً عظيمة هائلة في غاية الكبر، وسرعة الحركة مع ذلك؛ ولهذا قال: ﴿فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ﴾، والجان: ضرب من الحيات، [أسرعه حركةً] [٣]، وأكثره اضطرابًا - وفي الحديث نَهْيٌ عن قتل جِنان البيوت (٢). فلما عاين موسى ذلك ﴿وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ﴾ أي: ولم يلتفت من شدة فرقه. ﴿يَامُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ﴾، أي: لا تخف مما ترى، فإني أريد أن أصطفيك رسولًا وأجعلك نبيًّا وجيهًا.


(١) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب: في قوله : "إن الله لا ينام" وفي قوله: "حجابه النور لو كشفه لأحرق سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه" حديث ٢٩٤، ٢٩٥ - (١٧٩) (٣/ ١٨). وأخرجه حديث ٢٩٣ - (١٧٩). وابن ماجه في المقدمة، باب: فيما أنكرت الجهمية، حديث (١٩٥) (١/ ٧٠) ولكنهما قالا: بخمس كلمات. وزادا: "حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه" وكذلك زاد مسلم في الموضع الأول. وأخرجه ابن ماجة مختصرًا حديث (١٩٦) في المقدمة، باب: ما أنكرت الجهمية (١/ ٧١). كلاهما من طريق عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، عن أبي موسى فذكره. ورواه أحمد حديث (١٩٥٨٧، ١٩٦٤١، ١٩٦٨٨).
(٢) صحيح البخاري حديث (٣٢٩٨) من حديث ابن عمر، .