خنزير، وأذنها أذن فيل، وقرنها قرن أيْل، وعنقها عنق نعامة، وصدرها صدر أسد، ولونها لون نمر، وخاصرتها خاصرة هرّ، وذنبها ذنب كبش، وقوائمها قوائم بعير، بين كل مفصلين اثنا عشر ذراعًا، تخرج معها عصا موسى وخاتم سليمان، فلا يبقى مؤمن إلا نكتت في وجهه بعصا موسى نكتة بيضاء، فتفشو تلك النكتة حتى يبيض لها وجهه، ولا يبقى كافر إلا نَكَتَتْ في وجهه نكتة سوداء بخاتم سليمان، فتفشو تلك النكتة حتى يسود لها وجهه، حتى إنّ الناس يتبايعون في الأسواق: بكم ذا يا مؤمن؟ بكم ذا يا كافر؟ وحتى إن أهل البيت يجلسون علي مائدتهم، فيعرفون مؤمنهم من كافرهم، ثم تقول لهم الدابة: يا فلان، أبشر، أنت من أهل الجنة. ويا فلان، أنت من أهل النار؛ فذلك قول الله تعالى: ﴿وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ﴾.
يقول تعالى مخبرًا عن يوم القيامة، وحشر الظالمين المكذبين بآيات الله ورسله إلي بين يدي الله ﷿، ليسألهم عما فعلوه في الدار الدنيا، تقريعًا وتوبيخًا، وتصغيرًا وتحقيرًا فقال: ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا﴾، أي: من كل قوم وقرن فوجًا، أي: جماعة، ﴿مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا﴾؛ كما قال تعالى: ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ﴾ وقال تعالى: ﴿وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ﴾.
وقوله: ﴿فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾، قال ابن عباس ﵄: يدفعون. وقال قتادة: وزعة ترد [١] أولهم على آخرهم. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: يساقون.
﴿حَتَّى إِذَا جَاءُوا﴾، أي: أوقفوا بين يدي الله-﷿ في مقام المساءلة ﴿قَال أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ أي: ويسألون عن اعتقادهم، وأعمالهم، فلما لم يكونوا من أهل السعادة، وكانوا كما قال الله تعالى عنهم: ﴿فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (٣١) وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى﴾، فحينئذ قامت عليهم الحجة، ولم يكن لهم عذر يعتذرون به؛ كما قال تعالى: ﴿هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (٣٥) وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (٣٦) وَيلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٧)﴾، وهكذا قال هاهنا: ﴿وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ﴾، أي: