للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بهتوا فلم يكن لهم جواب؛ لأنهم كانوا في الدار الدنيا ظلمة لأنفسهم، وقد ردوا إلى عالم الغيب والشهادة الذي لا تخفى عليه خافية.

و [١] قال تعالى منبهًا علي قدرته التامة، وسلطانه العظيم، وشأنه الرفيع الذي تجب طاعته، والانقياد لأوامره، وتصديق أنبيائه فيما جاءوا به من الحق الذي لا مَحيد عنه، فقال: ﴿أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ﴾، أي: فيه ظلام تسكن بسببه حركاتهم، وتهدأ أنفاسهم، ويستريحون من نَصَب التعب في نهارهم. ﴿وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا﴾ أي: منيرًا مشرقًا، فبسبب ذلك يتصرفون في المعايش والمكاسب، والأسفار والتجارات، وغير ذلك من شئونهم التي يحتاجون إليها، ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾.

﴿وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ (٨٧) وَتَرَى الْجِبَال تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (٨٨) مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ (٨٩) وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إلا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٩٠)

يخبر تعالى عن هول يوم نفخة الفزع في الصور وهو كما جاء في الحديث: "قرن ينفخ [٢] فيه". وفي حديث الصور [٣] أن إسرافيل هو الذي ينفخ فيه بأمر الله تعالى، فينفخ فيه أولًا نفخة الفزع ويطولها، وذلك في آخر عمر الدنيا، حين تقوم الساعة علي شرار الناس من الأحياء، فيفزع مَنْ في السموات ومَنْ في الأرض ﴿إلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ﴾، وهم الشهداء، فإنهم أحياء [٤] عند ربهم يرزقون.

قال الإِمام مسلم بن الحجاج: حدثنا عُبَيد [٥] الله بن مُعاذ العنبري، حدثنا أبي، حدثنا شعبة، عن النعمان بن سالم: سمعت يعقوب بن عاصم بن عُروة بن مسعود الثقفي، سمعت عبد الله بن عمرو وجاءه رجل فقال: ما هذا الحديث الذي تحدث أن الساعة تقوم إلى كذا وكذا؟ فقال: سبحان الله -أو: لا إله إلا الله- أو: كلمة


[١]- في ت: "ثم".
[٢]- في ز: "تنفخ".
[٣]- سقط من: ز، خ.
[٤]- سقط من: ز، خ.
[٥]- في ز، خ: "عبد".