للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشَّيطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (١٥) قَال رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (١٦) قَال رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ﴾، أي: بما جعلت لي من الجاه والعز [١] والمنعة ﴿فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا﴾، أي: معينًا: ﴿لِلْمُجْرِمِينَ﴾، أي: الكافرين بك، المخالفين لأمرك.

﴿فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَال لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَويٌّ مُبِينٌ (١٨) فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَال يَامُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إلا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ (١٩)

يقول تعالى مخبرًا عن موسى لما قتل ذلك القبطي: إنه أصبح ﴿فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا﴾، أي: من مَعَرة ما فعل ﴿يَتَرَقَّبُ﴾، أي: يتلفت [٢] و [٣] يتوقع ما يكون من هذا الأمر، فمر في بعض الطرق، فإذا ذاك الذي استنصره بالأمس على ذلك القبطي يقاتل آخر، فلما مر موسى استصرخه على الآخر، فقال له موسى: ﴿إِنَّكَ لَغَويٌّ مُبِينٌ﴾، أي: ظاهر الغواية كثير الشر. ثم عزم علي البطش بذلك القبطي، فاعتقد الإسرائيلي لخوره وضعفه وذلته أن موسى إنما يريد قصده لما سمعه يقول ذلك، فقال يدفع عن نفسه: ﴿يَامُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ﴾؟ وذلك لأنه لم يعلم به إلا هو وموسى ، فلما سمعها ذلك القبطي لقَفها من فمه، ثم ذهب بها إلي باب فرعون فألقاها عندهم [٤]، فعلم بذلك، فاشتد حنقه، وعزم على قتل موسى، فطلبوه وبعثوا وراءه ليحضروه لذلك.

﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَال يَامُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (٢٠)

قال تعالى: ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ﴾، وصفه بالرّجُولية؛ لأنه خالف الطريق، فسلك طريقًا أقرب من طريق الذين بُعثوا وراءه، فسبق إلى موسى، فقال له: يا موسى، ﴿إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ﴾، أي: يتشاورون فيك ﴿لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ﴾، أي: من البلد، ﴿إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ﴾.


[١]- في ت: "العزة".
[٢]- في ز، خ: "يتقلب".
[٣]- في ز، خ: "أي".
[٤]- في ت: "عنده".