للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَال رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢١) وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَال عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ (٢٢) وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَينِ تَذُودَانِ قَال مَا خَطْبُكُمَا قَالتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيخٌ كَبِيرٌ (٢٣) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَال رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيرٍ فَقِيرٌ (٢٤)

لما أخبره ذلك الرجل بما تمالأ عليه فرعون ودولته في أمره، خرج من مصر وحده، ولم يألف ذلك قبله، بل كان في رفاهية ونعمة ورياسة، ﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ﴾، أي: يتلفت، ﴿قَال رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾، أي: من فرعون وملئه. فذكروا أن الله بعث له ملكًا على فرس، فأرشده إلي الطريق، فالله أعلم.

﴿وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ﴾ أي: أخذ طريقًا سالكًا مَهْيَعًا. فرح بذلك، ﴿قَال عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾، أي: إلى الطريق الأقوم. ففعل الله به ذلك، وهداه إلي الطريق المستقيم في الدنيا والآخرة، فجعله هاديًا مهديًّا.

﴿وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ﴾ أي: ولما وصل إلى مدين وورد ماءها، وكان لها بئر ترده رعاء الشاء.

﴿وَجَدَ عَلَيهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ﴾ أي: جماعة ﴿يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَينِ تَذُودَانِ﴾، أي: تكفكفان غنمهما أن [١] ترد مع غنم أولئك الرعاء لئلا يُؤذَيا. فلما رآهما موسى رق لهما ورحمهما، ﴿قَال مَا خَطْبُكُمَا﴾، أي: ما خبركما لا تردان مع هؤلاء؛ ﴿قَالتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ﴾، أي: لا يحصل لنا سقي إلا بعد فراغ هؤلاء، ﴿وَأَبُونَا شَيخٌ كَبِيرٌ﴾، أي: فهذا الحال الملجئ لنا إلى ما ترى. قال الله تعالى: ﴿فَسَقَى لَهُمَا﴾.

قال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا عبد لله، أنبأنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو [٢] ابن ميمون الأودي، عن عمر بن الخطاب أن موسى لما ورد ماء مدين، وجد عليه أمة من الناس يسقون، قال: فلما فرغوا أعادوا الصخرة على البئر،


[١]- في ز: "أي".
[٢]- في خ، ز: "عروة".