للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يطيق رفعها إلا عشرة رجال، فإذا هو بامرأتين تذودان، قال: ما خطبكما؟ فحدثتا [١]، فأتى الحجر فرفعه، ثم لم يستق إلا ذنوبًا واحدًا حتى رويت الغنم. إسناد صحيح (٢).

وقوله: ﴿ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَال رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ [٢] إِلَيَّ مِنْ خَيرٍ فَقِيرٌ﴾، قال ابن عباس: سار موسى من مصر إلي مدين، ليس له طعام إلا البقل وورق الشجر، وكان حافيًا فما وصل [إلى] [٣] مَدْيَنَ حتى سقطت نعل قدمه و [٤] جلس في الظل، وهو صفوة الله من خلقه، وإن بطنه لاصق بظهره من الجوع، وإن خضرة البقل لترى من داخل جوفه، وإنه لمحتاج إلي شق تمرة.

وقوله: ﴿إِلَى الظِّلِّ﴾ قال ابن عباس وابن مسعود والسدى: جلس تحت شجرة.

وقال ابن جرير (٣): حدثني الحسين بن عمرو العنقزي، حدثنا أبي، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله -هو ابن مسعود- قال: حَثثتُ علي جمل ليلتين، حتى صَبَّحت مدين، فسألت عن الشجرة التي أوى إليها موسى، فإذا شجرة خضراء ترف، فأهوى إليها جملي -وكان جائعًا- فأخذها جملي فعالجها ساعة، ثم لفظها، فدعوت الله لموسى ثم انصرفتُ. وفي رواية عن ابن مسعود أنه ذهب إلي الشجرة التي كلم الله منها موسى، كما سيأتي، والله أعلم.

وقال السدى: كانت من شجر السَّمُر.

و [٥] قال عطاء بن السائب: لما قال موسى: ﴿رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيرٍ فَقِيرٌ﴾؛ أسْمَعَ المرأة.

﴿فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيهِ الْقَصَصَ قَال لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢٥) قَالتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَويُّ الْأَمِينُ (٢٦) قَال إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَينِ عَلَى أَنْ


(٢) المصنف لابن أبي شيبة (١١/ ٥٣٠).
(٣) تفسير الطبري (٢٠/ ٣٧).