للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٢٧) قَال ذَلِكَ بَينِي وَبَينَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَينِ قَضَيتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (٢٨)

لما رجعت المرأتان سِراعًا بالغنم إلى أبيهما، أنكر حالهما ومجيئهما سريعًا، فسألهما عن خبرهما، فقصتا عليه ما فعل موسى ، فبعث إحداهما إليه لتدعوه إلى أبيها. قال الله تعالى: ﴿فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ﴾، أي: مَشْيَ الحرائر؛ كما روي عن أمير المؤمنين عمر أنه قال: كانت مستترة بكم درعها.

وقال ابن أبي حاتم: [حدثنا أبي] [١] حدثنا أبو نعيم، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، قال: قال عمر : جاءت تمشي علي استحياء، قائلة بثوبها على وجهها، ليست بسلفع خرّاجة؛ ولاجة. هذا إسناد صحيح.

قال الجوهري: السلفع [٢] من الرجال: الجسور، ومن النساء: الجريئة السليطة، ومن النوق: الشديدة.

﴿قَالتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيتَ لَنَا﴾، وهذا تأدب في العبارة [٣]، لم تطلبه طلبًا مطلقًا لئلا يوهم ريبة، بل قالت: ﴿إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيتَ لَنَا﴾، يعني: ليثيبك ويكافئك على سقيك لغنمنا. ﴿فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيهِ [٤] الْقَصَصَ﴾، أي: ذكر له ما كان من أمره، وما جرى له من السبب الذي خرج من أجله من بلده، ﴿قَال لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾. يقول: طب نفسًا وقَرّ عينًا، فقد خرجتَ من مملكتهم فلا حُكْم لهم في بلادنا؛ ولهذا قال: ﴿نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾.

وقد اختلف المفسرون في هذا الرجل: من هو؟ على أقوال؛ أحدها: أنه شعيب النبيّ الذي أرسل إلى أهل مدين. وهذا هو المشهور عند كثيرين، وقد قاله الحسن البصري وغير واحد، ورواه ابن أبي حاتم:

حدثنا أبي، حدثنا ابن عبد العزيز الأويسي [٥]، حدثنا مالك بن أنس: أنه بلغه أن شعيبًا هو الذي قصّ عليه موسى القصص، قال: ﴿لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾.


[١]- ما بين المعكوفتين سقط من: ز، خ
[٢]- سقط من: خ.
[٣]- في ز: "العيادة".
[٤]- سقط من: ز، خ.
[٥]- في ز، خ: "الأودي". وهو تعريف. وما أثبتناه من تفسير ابن أبي حاتم. وهو الصواب. وانظر ترجمته في تهذيب الكمال [١٨/ ١٦٠].