وقد روى الطبراني (٤) عن سلمة بن سعد العَنَزي، أنه وفد علي رسول الله ﷺ، فقال له:"مرحبًا بقوم شعيب وأختَانِ موسى، هُدِيت".
وقال آخرون: بل كان ابن أخي شعيب. وقيل: رجل مؤمن من قوم شعيب. وقال آخرون: كان شعيب قبل زمان موسى ﵇ بمدة طويلة؛ لأنه قال لقومه [١]: ﴿وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ﴾. وقد كان هلاك قوم لوط في زمن الخليل ﵇ بنص القرآن، وقد علم أنه كان بين موسى والخليل ﵉ مدة طويلة تزيد على أربعمائة سنة، كما ذكره غير واحد. وما قيل: إن شعيبًا عاش مدة طويلة، إنما هو -والله أعلم- احتراز من هذا الإِشكال. ثم من المقوِّي لكونه ليس بشعيب أنه لو كان إياه لأوشك أن ينص على اسمه في القرآن هاهنا، وما جاء في بعض الأحاديث من التصريح بذكره في قصة موسى، لم يصح إسناده، كما سنذكره قريبًا إن شاء الله. ثم من الموجود في كتب بني إسرائيل أن هذا الرجل اسمه:"ثيرون [٢] "، والله أعلم.
وقال أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود: وأثرون هو ابن أخي شعيب ﵇.
وعن أبي حمزة [٣]، عن ابن عباس: الذي استأجر موسى يثري [٤][صاحب مدين][٥]. رواه ابن جرير، ثم قال: والصواب أن هذا لا يدرك إلا بخبر، و لا خبر [٦] تجب به [٧] الحجة في ذلك.
وقوله: ﴿قَالتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَويُّ الْأَمِينُ﴾، أي: قالت إحدى ابنتي هذا الرجل -قيل: هي التي ذهبت وراء موسى ﵇ قالت لأبيها: ﴿يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ﴾، أي: لرعْية [٨] هذه الغنم.
قال عمر، وابن عباس، وشُريح القاضي، وأبو مالك، وقتادة، ومحمد بن إسحاق، وغير واحد: لما قالت: ﴿إِنَّ خَيرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَويُّ الْأَمِينُ﴾ قال لها أبوها: وما علمك بذلك؟ قالت: إنه رفع الصخرة التي لا يطيق حملها إلا عشرة رجال، وإنه لما جئت معه تقدمت أمامه، فقال لي: كوني من ورائي، فإذا اجتنبتُ الطريق فاحذفي بحصاة أعلم بها كيف الطريق لأتهدى إليه.
(٤) المعجم الكبير (٧/ ٥٥) من طريق حفص بن سلمة عن شيبان بن قيس عن سلمة بن سعد به، وقال الهيثمي: "فيه من لم أعرفهم".