للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في ذلك- علينا وفي رقابنا، كما يقول القائل: "افعل هذا وخطيئتك في رقبتي". قال الله تكذيبًا لهم: ﴿وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾، أي: فيما قالوه: إنهم يحملون [١] عن أولئك خطاياهم فإنه لا حمل أحد وزر أحد ﴿وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى﴾. وقال تعالى: ﴿وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (١٠) يُبَصَّرُونَهُمْ﴾.

وقوله تعالى: ﴿وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ﴾ إخبار عن الدعاة إلي الكفر والضلالة أنهم يوم القيامة يحملون أوزار أنفسهم، [وأوزارًا أخرى] [٢] بسبب من [٣] أضلوا من الناس من غير أن ينقص من أوزار أولئك شيئًا، كما قال تعالى: ﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (٢٥)﴾.

وفي الصحيح (٣): " من دعا إلي هدى، كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه إلي يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلي ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من اتبعه إلي يوم القيامة من غير أن ينقص من آثامهم شيئًا".

وفي الصحيح (٤): " ما قتلت نفس ظلمًا إلا كان على ابن آدم الأول كِفْل (*) من دمها، لأنه أول من سَنّ القتل".

وقوله: ﴿وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ أي: يكذبون ويختلقون، من البهتان.

وقد ذكر ابن أبي حاتم هاهنا حديثًا فقال: حدثنا أبي حدثنا هشام بن عمار، حدثنا صدقة، حدثنا [عثمان أبو حفص بن أبي العاتكة] [٤] حدثني سليمان بن حبيب المحاربي، عن أبي أمامة قال: إن [٥] رسول الله- بلغ ما أرسل به ثم قال: إياكم والظلم فإن الله يعزم يوم القيامة فيقول: وعزتي لا يجوزني اليوم ظلم! ثم


(٣) تقدم تخريج الحديث عند الآية: ٢ من سورة المائدة.
(٤) تقدم تخريج الحديث عند الآية: ٣٠ من سورة المائدة.
(*) - الكفل: الحظ، والنصيب.
(**) - التِباعة: الحقوق في المال.