للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التي يرمى بها ليست هي التي زينة للسماء. وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (١٣)﴾ ولهذا نظائر كثيرة.

وقال ابن جرير: لو قيل إن الضمير في قوله: ﴿وَجَعَلْنَاهَا﴾ عائد إلي العقوبة، لكان وجها والله أعلم.

﴿وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَال لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٦) إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيهِ تُرْجَعُونَ (١٧) وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إلا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (١٨)

يخبر تعالى عن عبده ورسوله وخليله إبراهيم إمام الحنفاء: أنه دعا قومه إلي عبادة الله وحده لا شريك له، والإخلاص له في التقوى، وطلب الرزق منه وحده لا شريك له وتوحيده في الشكر فإنه المشكور على النعم لا مُسدي لها غيره، فقال لقومه: ﴿اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ﴾ أي: أخلصوا له في [١] العبادة والخوف ﴿ذَلِكُمْ خَيرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ أي: إذا فعلتم ذلك حصل لكم الخير في الدنيا والآخرة واندفع عنكم الشر في الدنيا والآخرة.

ثم أخبرهم أن الأصنام التي يعبدونها والأوثان، لا تضر ولا تنفع وإنما اختلقتم أنتم لها أسماء، سميتموها آلهة وإنما هي مخلوقة مثلكم. هكذا روى العوفي عن ابن عباس. وبه قال مجاهد، والسدي.

وروى الوالبي عن ابن عباس: وتصنعون إفكًا، أي: تنحتونها أصنامًا. وبه قال مجاهد -في رواية- وعكرمة، والحسن، وقتادة وغيرهم، واختاره ابن جري .

وهي لا تملك لهم رزقًا ﴿فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ﴾ وهذا أبلغ في الحصر كقوله: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)﴾ ﴿رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيتًا فِي الْجَنَّةِ﴾، ولهذا قال: ﴿فَابْتَغُوا﴾، أي: فاطلبوا ﴿عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ﴾، أي: لا تعبدوا [٢] غيره، فإن غيره لا يملك شيئًا، ﴿وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ﴾ أي: كلوا من رزقه واعبدوه وحده، واشكروا له على ما أنعم به عليكم ﴿إِلَيهِ تُرْجَعُونَ﴾، أي: يوم القيامة، فيجازي كل عامل بعمله.


[١]- سقط من ت.
[٢]- في ت: "عند".