للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ﴿وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾، أي: فبلغكم ما حل بهم من العذاب والنكال في مخالفة الرسل، ﴿وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إلا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾، يعني إنما علي الرسول أن يبلغكم ما أمره الله -تعالى- به من الرسالة، والله يضل من يشاء ويهدي من يشاء، فاحرصوا لأنفسكم أن [١] تكونوا من السعداء.

وقال قتادة (٦) في قوله: ﴿وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾، قال: يُعزي نبيه . وهذا من قتادة يقتضي أنه قد انقطع الكلام الأول، واعترض بهذا إلي قوله: ﴿فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ﴾.

وهكذا نص في ذلك ابن جرير أيضًا والظاهر من السياق أن كل هذا من كلام إبراهيم الخليل [] [٢] يحتج عليهم لإثبات المعاد لقوله بعد هذا كله: ﴿فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ﴾، والله أعلم.

﴿أَوَلَمْ يَرَوْا كَيفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (١٩) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ (٢٠) يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيهِ تُقْلَبُونَ (٢١) وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (٢٢) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢٣)

يقول تعالى مخبرًا عن الخليل : إنه أرشدهم إلي إثبات المعاد الذي ينكرونه، بما يشاهدونه في أنفسهم من خلق الله إياهم، بعد أن لم يكرنوا شيئًا مذكورًا، ثم وجدوا وصاروا أناسًا سامعين مبصرين. فالذي بدأ هذا قادر علي إعادته، فإنه سهل عليه، يسير لديه.

ثم أرشدهم إلى الاعتبار بما في الآفاق من الآيات المشاهدة من خلق الله الأشياء: السموات وما فيها من الكواكب النيرة الثوابت [٣]، والسيارات، والأرضين وما فيها من مهاد وجبال،


(٦) تفسير الطبري (٢٠/ ٨٩).