بإنزال الرجز من السماء، وطال السياقُ والفصل بين ذلك وبين هذا السياق.
وقال قتادة: ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيهِ حَاصِبًا﴾، قال [١]،: قوم لوط، ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيحَةُ﴾: قوم شعيب. وهذا بعيد أيضًا لما تقدم، والله أعلم.
هذا مثل ضربه الله تعالى للمشركين في اتخاذهم آلهةً من [٢] دون الله، يرجون نصرهم ورزقهم، ويتمسكون بهم في الشدائد، فهم في ذلك كبيت العنكبوت في ضعفه ووهنه [٣]، فليس في أيدي هؤلاء من آلهتهم إلا كمن يتمسك ببيت العنكبوت فإنه لا يجدي عنه شيئًا، فلو علموا هذا الحال لما اتخذوا من دون الله أولياء. وهذا بخلاف [المسلم المؤمن] قلبه لله، وهو مع ذلك يحسن العمل في اتباع الشرع فإنه مستمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها، لقوتها وثباتها.
ثم قال تعالى متوعدًا لمن عبد غيره وأشرك به: إنه تعالى يعلم ما هم عليه من الأعمال، ويعلم وما يشركون به من الأنداد، وسيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم.
ثم قال تعالى: ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إلا الْعَالِمُونَ﴾، أي: وما يفهمها ويتدبرها إلا الراسخون في العلم المتضلعون منه.
قال الإمام أحمد (١٦): حدثنا إسحاق بن عيسى، حدثني أبي لهيعة، عن أبي قَبيل، عن عمرو بن العاص ﵁ قال: عَقَلْتُ عن رسول الله- ﷺ ألف مثل.
وهذه منقبة عظيمة لعمرو بن العاص ﵁ حيث يقول تعالى: ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إلا الْعَالِمُونَ﴾.
(١٦) المسند (٤/ ٢٠٣)، وقال الهيثمي في المجمع (٨/ ٢٦٤): "إسناده حسن".