للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال البخاري (٣٣): حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا إبراهيم بن سعد، أخبرنا ابن شهاب، عن عُبيد [١] الله بن عبد الله، عن ابن عباس، قال: كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء وكتابكم الذي أنزل إليكم على رسوله أحدثُ، تقرءونه محضًا لم يُشَب، وقد حدّثكم أن أهل الكتاب بدلوا كتاب الله وغيروه، وكتبوا بأيديهم الكتاب، وقالوا: هو من عند الله؛ ليشتروا به ثمنًا قليلًا؛ ألا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم؛ لا والله ما رأينا منهم رجلًا يسألكم عن الذي أنزل عليكم.

وقال البخاري (٣٤): وقال أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، أخبرني حُميد [٢] بن عبد الرحمن أنه سمع معاوية يحدث رهطًا من قريش بالمدينة -وذكر كعب الأحبار- فقال: إن كان من أصدق هؤلاء المحدثين الذين يحدّثون عن أهل الكتاب، وإنْ كنا مع ذلك لنبلو [٣] عليه الكذب.

قلت: معناه أنه يقع منه الكذب لغة من غير قصد؛ لأنه يحدث عن صحف هو يحسن بها الظن، وفيها أشياء موضوعة ومكذوبة، لأنهم لم يكن في ملتهم حفاظ متقنون كهذه الأمة العظيمة، ومع ذلك وقرب العهد وضعت أحاديث كثيرة في هذه الأمة، لا يعلمها إلا الله ﷿ ومن منحه الله علمًا بذلك، كل بحسبه، ولله الحمد والمنة.

﴿وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَينَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إلا الْكَافِرُونَ (٤٧) وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (٤٨) بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إلا الظَّالِمُونَ (٤٩)

قال ابن جرير: يقول الله تعالى: كما أنزلنا الكتب على من قبلك -يا محمد- من الرسل، كذلك أنزلنا إليك هذا الكتاب. وهذا الذي قاله حسن ومناسبة وارتباط جيد.

وقوله: ﴿فَالَّذِينَ آتَينَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾، أي: الذين أخذوه فتَلَوه [٤] حق تلاوته


(٣٣) صحيح البخاري حديث (٧٣٦٣).
(٣٤) صحيح البخاري حديث (٧٣٦١).