للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "ما من الأنبياء من نبي إلا وقد أُعطيَ [من الآيات] [١] ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيًا أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة". أخرجاه من حديث الليث.

وقال الله تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾، أي: إن في هذا القرآن ﴿لَرَحْمَةً﴾، أي: بيانًا [٢] للحق، وإزاحة للباطل، و ﴿وَذِكْرَى﴾ بما فيه حلول النقمات ونزول العقاب بالمكذين والعاصين، ﴿لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾.

ثم قال تعالى: ﴿قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَينِي وَبَينَكُمْ شَهِيدًا﴾ أي: هو أعلم بما تفيضون فيه من التكذيب، ويعلم ما أقول لكم من إخباري عنه، بأنه أرسلني، فلو كنت كاذبًا عليه لانتقم مني، كما قال تعالى: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَينَا بَعْضَ الْأَقَاويلِ (٤٤) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾، وإنما أنا صادق عليه فيما أخبرتكم به؛ ولهذا أيدني بالمعجزات الواضحات، والدلائل القاطعات.

﴿يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ لا تخفى عليه خافية ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾، أي: يوم معادهم سيجزيهم علي ما فعلوا، ويقابلهم علي ما صنعوا، من تكذيبهم بالحق واتباعهم الباطل، كذبوا برسل الله مع قيام الأدلة علي صدقهم، وآمنوا بالطواغيت والأوثان بلا دليل، سيجازيهم علي ذلك، إنه حكيم عليم.

﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (٥٣) يَسْتعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (٥٤) يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٥٥)

يقول تعالى مخبرًا عن جهل المشركين في استعجالهم عذاب الله أن يقع بهم، وبأس الله أن يحل عليهم، كما قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَينَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَو ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾، وقال هاهنا: ﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ﴾، أي: لولا ما حَتّم الله من تأخير العذاب إلي يوم القيامة لجاءهم العذاب قريبًا سريعًا كما استعجلوه.


[١]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ، ز.
[٢]- في ز، خ: "بيان".