للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوام هذه الأمة [١]؟ قال معاذ: ثلاث [٢]، وهن المنجيات: الإخلاص، وهي الفطرة [فطرة الله] [٣] التي فطر الناس عليها، والصلاة وهي الملة، والطاعة وهي العصمة. فقال عمر: صدقت.

حدثني يعقوب، حدثنا ابن علية، حدثنا أيوب، عن أبي قلابة: أن عمر قال لمعاذ: ما قوام هذا الأمر؟ … فذكر [٤] نحوه (٢٩).

وقوله: ﴿مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيهِمْ فَرِحُونَ﴾، أي: لا تكونوا من المشركين الذين قد [٥] فرقوا دينهم، أي: بدلوه وغيروه، وآمنوا ببعض وكفروا ببعض. وقرأ بعضهم: (فارقوا دينهم)، أي: تركوه وراء ظهورهم، وهؤلاء كاليهود والنصارى والمجوس وعَبَدة الأوثان، وسائر أهل الأديان الباطلة، مما عدا أهل الإِسلام، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ فأهل الاديان قبلنا اختلفوا فيما بينهم على آراء ومِلَل باطلة، وكل فرقة منهم تزعم أنهم على شيء، وهذه الأمة أيضًا اختلفوا فيما بينهم على نحل كلها ضلالة إلا واحدة، وهم أهل السنة والجماعة المتمسكون بكتاب الله وسنة رسوله ، وبما كان عليه الصدر الأول من الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين في قديم الدهر وحديثه، كما رواه الحاكم في مستدركه أنه سئل عن الفرقة الناجية منهم، فقال: "ما أنا عليه وأصحابي" (٣٠).

﴿وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (٣٣) لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَينَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٤) أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ (٣٥) وَإِذَا


(٢٩) تفسير الطبري (٢١/ ٢٦).
(٣٠) المستدرك (١/ ١٢٨، ١٢٩)، وقال الحافظ ابن حجر في تخريج الكشاف ص (٦٣): "إسناده حسن".