للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نحلته عبادي حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فأضلتهم [١] عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا، ثم إن الله ﷿ نظر إلي أهل الأرض فمقتهم، عربهم وعجمهم، إلا بقايا من أهل الكتاب، وقال: إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك، وأنزلت عليك كتابًا لا يغسله الماء تقرؤه نائمًا ويقظانا. ثم إن الله أمرني أن أحرق قريشًا، فقلت: يارب، إذًا يَثْلغُوا (*) رأسي فيدعوه خُبزَة. فقال: استخرجهم كما استخرجوك، [واغزهم نُغْزك] [٢]، وأنفق [عليهم فسننفق] [٣] عليك، وابعث جيشا نبعث خمسة مثله، وقاتل بمن أطاعك من عصاك. قال [٤]: وأهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مُقسط متصدق وموفق، ورجل رحيم رقيق القلب بكل ذي قربى ومسلم، ورجل عفيف فقير متصدق. وأهل النار خمسة: الضعيف الذي لا زَبْرَ (**) له، الذين هم فيكم تَبعا، لا يبتغون أهلًا ولا مالًا، والخائن الذي لا يخفى له طمع وإن دق إلا خانه، ورجل لا يصبح ولا يمسي إلا وهو يخادعك عن أهلك ومالك". وذكر البخل، و [٥] الكذب و [٦] الشنظير الفاحش [٧].

انفرد بإخراجه مسلم فرواه من طرق عن قتاده به (٢٨).

وقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ﴾، أي: [التمسك بالشريعة] [٨] والفطرة السليمة هو الدين القويم المستقيم ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ أي: ولهذا [٩] لا يعرفه أكثر [١٠] الناس فهم عنه ناكبون، كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾. ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ الآية.

وقوله: ﴿مُنِيبِينَ إِلَيهِ﴾، قال ابن زيد وابن جريج: أي راجعين إليه، ﴿وَاتَّقُوهُ﴾، أي: خافوه وراقبوه، ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾، وهي الطاعة العظيمة، ﴿وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾، أي: بل من الموحدين المخلصين له العبادة، لا يريدون بها سواه.

قال ابن جرير: [حدثنا ابن حميد] [١١]، حدثنا يحيى بن واضح، حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن يزيد بن أبي مريم، قال: مر عمر بمعاذ بن جبل فقال: ما


(*) الثَّلغ: الشدخ، وقيل هو ضربك الشيء الرطب بالشيء اليابس حتى ينشدخ.
(**) الزبر: العقل والرأي.
(٢٨) المسند (٤/ ١٦٢)، وصحيح مسلم حديث (٢٨٦٥).