يقول تعالى آمرًا بإعطاء ذي ﴿الْقُرْبَى حَقَّهُ﴾، أي: من البر والصلة، ﴿وَالْمِسْكِينَ﴾، وهو: الذي لا شيء له ينفق عليه، أو له شيء لا يقوم بكفايته، ﴿وَابْنَ السَّبِيلِ﴾، وهو المسافر المحتاج إلى نفقة، وما يحتاج إليه في سفره، ﴿ذَلِكَ خَيرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ﴾، أي: النظر إليه يوم القيامة، وهو الغاية القصوى، ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾، أي: في الدنيا وفي الآخرة.
ثم قال: ﴿وَمَا آتَيتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ﴾، أي: من أعطى عطية [][١] يريد أن يرد الناس عليه أكثر مما أهدى لهم فهذا لا ثواب له عند الله. بهذا فسره ابن عباس، ومجاهد، والضحاك، وقتادة، وعكرمة، ومحمد بن كعب، والشعبي. وهذا الصنيع مباح، وإن كان لا ثواب فيه، إلا أنه قد نهى عنه رسول الله ﷺ خاصة، قاله الضحاك، واستدل بقوله: ﴿وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ﴾، أي: لا تعط العطاء تريد أكثر منه.
وقال ابن عباس: الربا رباءان (*)، فربا لا يصح [٢]-يعني: ربا البيع- وربا لا بأس به، وهو هدية الرجل يريد فضلها [٣] وأضعافها. ثم تلا هذه الآية: ﴿وَمَا آتَيتُمْ [٤] مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ﴾.
وإنما الثواب عند الله في الزكاة، ولهذا قال: ﴿وَمَا آتَيتُمْ [٥] مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ