للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ﴾، أي: الذين يضاعف الله لهم الثواب والجزاء، كما جاء [١] في الصحيح: "وما تصدق أحد بعدل تمرة من كسب طيب إلا أخذها الرحمن بيمينه، فيربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فَلوَّه أو فصيله، حتى تصير التمرة أعظم من أُحُد" (٣٢).

وقوله: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ﴾، أي: هو الخالق الرزاق، يخرج الإِنسان من بطن أمه عريانا، لا علم له، ولا سمع، ولا بصر، ولا قُوة، ثم يرزقه جميع ذلك بعد ذلك، والرياش واللباس والمال والأملاك والمكاسب.

كما قال الإِمام أحمد: حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن سلام أبي [٢] شرحبيل، عن حَبَّة وسواء ابني خالد قالا: دخلنا على النبي وهو يصلح شيئًا فأعَنَّاه، فقال: "لا تيأسا من الرزق ما تَهَززتْ رءوسكما؛ فإن الإنسان تلده أمه أحمر ليس عليه قشرة ثم يزقه الله ﷿" (٣٣).

وقوله: ﴿ثُمَّ يُمِيتُكُمْ﴾ أي: بعد هذه الحياة، ﴿ثُمَّ يُحْيِيكُمْ﴾ أي: يوم القيامة.

وقوله: ﴿هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ﴾؟، أي: الذين تعبدونهم من دون الله، ﴿مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيءٍ﴾؟، أي: لا يقدر أحد منهم على فعل شيء من ذلك، بل الله هو المستقل بالخلق والرزق، والإِحياء والإِماتة، ثم يبعث الخلائق يوم القيامة. ولهذا قال بعد هذا كله: ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ أي: تعالى وتقدس وتنزه وتعاظم وجل وعَزّ عن أن يكون له شريك أو نظير أو مساو، أو ولد أو والد. بل هو الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد.

﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي


(٣٢) صحيح البخاري حديث (١٤١٠).
(٣٣) المسند (٣/ ٤٦٩). وحبة بن خالد الأسدي، العامري: قال الحافظ في التقريب: صحابي، له حديث واحد، نزل الكوفة. بخ ق. وسلام بن شرحبيل أبو شرحبيل: قال الحافظ في التقريب: مقبول، من الرابعة. بخ ق. وقال في التهذيب: وذكره ابن حبان في الثقات. وسواء بن خالد الأسدي: قال الحافظ في التقريب: صحابي، له حديث. بخ ق. والحديث أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب: التوكل واليقين (٢/ ١٣٩٤) حديث (٤١٦٤). والطبراني في الكبير (٤/ ٧: ٨) حديث ٣٤٧٩، ٣٤٨٠. وقال البوصيري في الزوائد: إسناده صحيح وسلام بن شرحبيل ذكره ابن حبان في الثقات، ولم أر من تكلم فيه وباقي رجال الإسناد ثقات. وضعفه الشيخ الألباني في ضعيف الجامع (٦٢٩٥)، وضعيف ابن ماجه حديث ٩١٠. وعزاه لسلسلته الضعيفة (٤٧٩٨).