قال ابن عباس، وعكرمة، والضحاك، والسدي، وغيرهم: المراد بالبر هاهنا: الفيافي، وبالبحر: الأمصار والقرى، وفي رواية عن ابن عباس وعكرمة: البحر: الأمصار والقرى، ما كان منها على جانب نهر.
وقال آخرون: بل المراد بالبر، هو البر المعروف، وبالبحر، البحر المعروف.
و [١] قال زيد بن رُفيع: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ﴾، يعني: انقطاع المطر عن البر يعقبه القحط، وعن البحر تعمى دوابه.
رواه ابن أبي حاتم وقال: حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقري، عن سفيان، عن حُميد، بن قيس الأعرج عن مجاهد: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ﴾ قال: فساد البر قتل ابن آدم، وفساد [٢] البحر: أخذ السفينة غصبًا.
وقال عطاء الخراساني: المراد بالبر [٣] ما فيه من المدائن والقرى، وبالبحر: جزائره.
والقول الأول أظهر، وعليه الأكثر، ويؤيده ما ذكره محمد بن إسحاق في السيرة: أن رسول الله ﷺ صَالح ملك أيلة، وكتب له ببحره -يعني ببلده.
ومعنى قوله تعالى: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيدِي النَّاسِ﴾، أي: بان النقص في الثمار والزروع بسبب المعاصي.
و [٤] قال أبو العالية: من عصى الله في الأرض فقد أفسد في الأرض، لأن صلاح الأرض والسماء بالطاعة، ولهذا جاء في الحديث الذي رواه أبو داود:"لَحَدّ يقام في الأرض أحب إلى أهلها من أن يمطروا أربعين صباحًا"(٣٤).
والسبب في هذا أن الحدود إذا أقيمت، انكفّ الناس -أو أكثرهم أو كثير منهم- عن تعاطي المحرمات، وإذا ارتكبت المعاصي كان سببًا في محاق البركات من السماء والأرض.
(٣٤) رواه أحمد في المسند (٢/ ٣٦٢)، والنسائي في السنن (٨/ ٧٥) من حديث أبي هريرة، ولم يقع لي في سنن أبي داود.