للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولهذا إذا نزل عيسى في آخر الزمان فحكم بهذه الشريعة المطهرة في ذلك الوقت من قتل الخنزيز، وكسر الصليب، ووضع الجزية، وهو تركها - فلا يقبل إلا الإِسلام أو السيف، فإذا أهلك الله في زمانه الدجال وأتباعه، ويأجوج ومأجوج، قيل للأرض: أخرجي بركاتك. فيأكل من الرمانة الفئَام (*) من الناس، ويستظلون بقحفها، ويكفي لبن اللقحة الجماعة من الناس. وما ذاك إلا ببركة تنفيذه [١] شريعة رسول الله ، فكلما أقيم العدل كثرت البركات والخير.

وثبت في الصحيح: "أن الفاجر إذا مات تستريح العباد والبلاد، والشجر والدواب" (٣٥).

ولهذا قال الإِمام أحمدى في حنبل: حدثنا محمد والحسين قالا: حدثنا عوف عن [٢] أبي قحذم قال: وجد رجل [٣] في زمان زياد -أو ابن زياد- صرة فيها حب، يعني: من بر أمثال النوى عليه مكتوب: هذا نبت في زمان كان [٤] يعمل فيه بالعدل (٣٦).

وروى مالك، عن زيد بن أسلم: أن المراد بالفساد هاهنا: الشرك. وفيه نظر.

وقوله: ﴿لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾، أي: يبتليهم بنقص الأموال والأنفس والثمرات، اختبارا منه، ومحازاة على صنيعهم، ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ أي: عن المعاصي، كما قال تعالى: ﴿وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ ثم قال تعالى: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ﴾، أي: من قبلكم [٥]، ﴿كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ﴾، أي: فانظروا ماذا حل بهم من تكذيب الرسل وكفر النعم.

﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ (٤٣) مَنْ كَفَرَ فَعَلَيهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (٤٤) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (٤٥)

يقول تعالى آمرًا عباده بالمبادرة إلى الاستقامة في طاعته، والمبادرة إلى الخيرات: ﴿فَأَقِمْ


(٣٥) صحيح البخاري حديث (٦٥١٢).
(٣٦) المسند (٢/ ٢٩٦).