للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى الزهري عن سالم عن أبيه: "بينما رجل … " إلى آخره (٧٠).

﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (٢٠) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (٢١)

يقول تعالى منبهًا خلقه على نعمه عليهم في الدنيا والآخرة، بأنه [١] سخر لهم ما في السماوات من نجوم يستضيئون بها في ليلهم ونهارهم، وما يحلق فيها من سحاب وأمطار وثلج وبرد، وجعْلُه إياها لهم [٢] سقفًا محفوظًا؛ وما خلق لهم في الأرض من قرار وأنهار وأشجار وزروع وثمار. وأسبغ عليهم نعمه الظاهرة والباطنة، من إرسال الرسل وإنزال الكتب، وإزاحة الشبهة [٣] والعلل، ثم مع هذا كله ما آمن الناس كلهم، بل منهم من يجادل في الله، أي: في توحيده وإرسال الرسل. ومجادلته في ذلك بغير علم [ولا مستند من حجة صحيحة، ولا كتاب مأثور صحيح، ولهذا قال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيرِ عِلْمٍ] [٤] وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ﴾، أي: مبين مضئ.

﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ﴾، أي: لهؤلاء المجادلين في توحيد الله: ﴿اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾، أي: على رسوله من الشرائع المطهرة، ﴿قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيهِ آبَاءَنَا﴾، أي: لم يكن لهم حجة إلا اتباع الآباء الأقدمين، قال الله: ﴿أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيئًا وَلَا يَهْتَدُونَ﴾، أي: فما ظنكم أيها المحتجون بصنيع آبائهم، أنهم كانوا على ضلالة، وأنتم خلف لهم فيما كانوا فيه؛ ولهذا قال: ﴿أَوَلَوْ كَانَ الشَّيطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ﴾.

﴿وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى


(٧٠) - أخرجه أحمد (٢/ ٦٦)، والبخاري في أحاديث الأنبياء، حديث (٣٤٨٥)، وطرفه في (٥٧٩٠)، والنسائي (٨/ ٢٠٦) من طريق الزهري به.