للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (٢٢) وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَينَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (٢٣)

يقول تعالى مخبرًا عمن أسلم وجهه لله [١]، أي: أخلص له العمل، وانقاد لأوامره [٢]، واتبع شرعه، ولهذا قال: ﴿وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾، أي: في عمله، باتباع ما به [٣] أمر، وترك ما عنه زجر، ﴿فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى﴾، أي: فقد أخذ موثقًا من الله متينًا، أنه لا يعذبه، ﴿وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (٢٢) وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ﴾، أي: لا تحزن يا محمد عليهم في كفرهم بالله وبما جئت به؛ فإن قدر الله نافذ فيهم، إلى الله ﴿مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا﴾، أي: فيجزيهم عليه، ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ فلا تخفى عليه خافية.

ثم قال: ﴿نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا﴾، أي: في الدنيا، ﴿ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ﴾، أي نلجئهم ﴿إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ﴾، أي: فظيع صعب شاقٍ [٤] على النفوس، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (٦٩) مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ﴾

﴿نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ (٢٤) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٢٥)

يقول تعالى مخبرًا عن هؤلاء المشركين به: إنهم يعرفون أن الله خالقُ السماوات والأرض، وحدَه لا شريك له، ومع هذا يعبدون معه شركاء [٥]، يعترفون أنها خَلْقٌ له وملك له، ولهذا قال: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾، [أي: إذْ قامت عليكم الحجة باعترافكم] [٦]، ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾.

ثم قال: ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾، أي: هو خلقه وملكه، ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾، أي: الغني عما سواه، وكل شيء فقير إليه، الحميد في جميع ما خلق، له الحمد في السماوات والأرض على ما خلق وشرع، وهو المحمود في الأمور كلها.

﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٢٦) وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ


[١]- سقط من: خ، ز.
[٢]- في ت: "لأمره".
[٣]- سقط من: ز.
[٤]- في ز: "مشق".
[٥]- في ز: "شريكًا".
[٦]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ، ز.