للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن أبي نجيح (٨٤)، عن مجاهد: جاء رجل من أهل البادية فقال: إن امرأتي حبلى، فأخبرني [١] ما تلد؟ وبلادنا جَدْبَةٌ فأخبرني متى ينزل الغيث؟ وقد عَلمتُ متى وُلدتُ فأخبرني متى أموت؟ فأنزل الله ﷿: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾ إلى قوله ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾. قال مجاهد: وهي مفاتيح الغيب التي قال الله تعالى: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيبِ لَا يَعْلَمُهَا إلا هُوَ﴾. رواه ابن أبي حاتم وابن جرير.

وقال الشعبي (٨٥)، عن مسروق، عن عائشة أنها قالت: من حدثك أنه يعلم ما في غد فقد كذب، ثم قرأت: ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا﴾.

وقوله: ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ﴾ قال قتادة: أشياء استأثر الله بهن، فلم يُطلع عليهن مَلكا مقربًا، ولا نبيًّا مرسلًا: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾، فلا يدري أحد من الناس متى تقوم الساعة، في أي سنة أو في أي [٢] شهر، أو ليل أو نهار، ﴿وَيُنَزِّلُ الْغَيثَ﴾ فلا يعلم أحد متى ينزل الغيث، ليلًا أو نهارًا، ﴿وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ﴾، فلا يعلم أحد ما في الأرحام، أذكر [٣] أم أنثى، أحمر أو أسود، وما هو. ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا﴾، أخير أم شر، ولا تدري يا بن آدم متى تموت؟ لعلك الميت غدًا، لعلك المصاب غدًا، ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ﴾ ليس أحد من الناس يدري أين مضجعه من الأرض، أفي بحر أم [٤] بر، أو سهل أو جبل.

وقد جاء في الحديث: "إذا أراد الله قبض عبد بأرض، جعل له إليها حاجة". فقال الحافظ أبو القاسم الطبراني في "معجمه الكبير" (٨٦)، في مسند أسامة بن زيد:

حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن أيوب، عن أبي المليح، عن أسامة بن زيد قال: قال رسول الله : "ما جعل الله ميتَة عبد بأرض إلا جعل له فيها حاجة".

وقال عبد الله ابن الإمام أحمد (٨٧): حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو داود


(٨٤) - أخرجه الطبري في تفسيره (٢١/ ٨٧) من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح به
(٨٥) - أخرجه الطبري (٢١/ ٨٨) من طريق مغيرة عن الشعبي به.
(٨٦) - المعجم الكبير (٤٦١)، وقال الهيثمي في المجمع (٧/ ١٩٦): رجاله رجال الصحيح.
(٨٧) - المسند (٥/ ٢٢٧)، وأخرجه الترمذي في القدر، باب: ما جاء أن النفس تموت حيثما كتب لها حديث (٢١٤٦) من طريق أبي داود الحفري به.