وروى ابن أبي حاتم عن [عن أبي حاتم][١] داود ﵇ ها هنا أثرًا غريبًا مطولًا جدًّا، وقال أيضًا:
حدثنا أبي، حدثنا عمران بن موسى، حدثنا أبو يزيد [٢] قبيصة بن إسحاق الرقي؛ قال: قال فضيل في قوله تعالى: ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا﴾. فقال داود: يا رب؛ كيف أشكرك، والشكر نعمة منك؟ قال:"الآن شكرتني حين علمت [٣] أن النعمة [٤] مني".
وقوله: ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾، إخبار عن الواقع.
يذكر تعالى كيفية موت سليمان ﵇، وكيف عَمَّى الله موته على الجانّ المسخرين له في الأعمال الشاقة، فإنه مكث متوكئًا على عصاه -وهي منسَأته -كما قال ابن عباس، ومجاهد، والحسن، وقتادة وغير واحد- مدة طويلة نحوًا من سنة، فلما أكلتها دابةُ الأرض، وهي الأرضة، ضعفت [٥] وسقط إلى الأرض، وعلم أنه قد مات قبل ذلك بمدة طويلة- تبينت الجن والإنس أيضًا أن الجن لا يعلمون الغيب، كما كانوا يتوهمون ويوهمون الناس ذلك.
وقد ورد في ذلك حديث مرفوع غريب، وفي صحته نظر.
وقال ابن جرير (٦): حدثنا أحمد بن منصور، حدثنا موسى بن مسعود أبو حذيفة، حدثنا إبراهيم بن طهمان، عن عطاء بن [٦] السائب، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي، ﷺ، قال:"كان سليمان نبي الله ﵇ إذا صلى رأى شجرة نابتة بين يديه فيقول لها: ما اسمك؟ فتقول: كذا. فيقول: لأي شيء أنت؟ فإن كانت لغرس غُرِسَتْ، وإن كانت لدواء كُتبَتْ. فبينما هو يصلي ذات يوم إذ رأى شجرة بين يديه، فقال لها: ما اسمك؟ قالت: الخروب. قال: لأي شيء أنت؟ قالت: لخراب هذا البيت. فقال سليمان: اللهم، عَمِّ علي الجن موتي [٧] حتى يعلم الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب. فنحتها عصا، فتوكأ عليها حولًا ميتا، والجن تعمل. فأكلتها الأرضة، فتبينت الإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا حولًا [٨] في العذاب المهين".