للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى ابن أبي حاتم عن [عن أبي حاتم] [١] داود ها هنا أثرًا غريبًا مطولًا جدًّا، وقال أيضًا:

حدثنا أبي، حدثنا عمران بن موسى، حدثنا أبو يزيد [٢] قبيصة بن إسحاق الرقي؛ قال: قال فضيل في قوله تعالى: ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا﴾. فقال داود: يا رب؛ كيف أشكرك، والشكر نعمة منك؟ قال: "الآن شكرتني حين علمت [٣] أن النعمة [٤] مني".

وقوله: ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾، إخبار عن الواقع.

﴿لَقَدْ كَانَ لِسَبَإ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (١٥)

يذكر تعالى كيفية موت سليمان ، وكيف عَمَّى الله موته على الجانّ المسخرين له في الأعمال الشاقة، فإنه مكث متوكئًا على عصاه -وهي منسَأته -كما قال ابن عباس، ومجاهد، والحسن، وقتادة وغير واحد- مدة طويلة نحوًا من سنة، فلما أكلتها دابةُ الأرض، وهي الأرضة، ضعفت [٥] وسقط إلى الأرض، وعلم أنه قد مات قبل ذلك بمدة طويلة- تبينت الجن والإنس أيضًا أن الجن لا يعلمون الغيب، كما كانوا يتوهمون ويوهمون الناس ذلك.

وقد ورد في ذلك حديث مرفوع غريب، وفي صحته نظر.

وقال ابن جرير (٦): حدثنا أحمد بن منصور، حدثنا موسى بن مسعود أبو حذيفة، حدثنا إبراهيم بن طهمان، عن عطاء بن [٦] السائب، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي، ، قال: "كان سليمان نبي الله إذا صلى رأى شجرة نابتة بين يديه فيقول لها: ما اسمك؟ فتقول: كذا. فيقول: لأي شيء أنت؟ فإن كانت لغرس غُرِسَتْ، وإن كانت لدواء كُتبَتْ. فبينما هو يصلي ذات يوم إذ رأى شجرة بين يديه، فقال لها: ما اسمك؟ قالت: الخروب. قال: لأي شيء أنت؟ قالت: لخراب هذا البيت. فقال سليمان: اللهم، عَمِّ علي الجن موتي [٧] حتى يعلم الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب. فنحتها عصا، فتوكأ عليها حولًا ميتا، والجن تعمل. فأكلتها الأرضة، فتبينت الإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا حولًا [٨] في العذاب المهين".


(٦) تفسير الطبري (٢٢/ ٧٤).