للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: وكان ابن عباس يقرؤها كذلك. قال: فشكرت الجن الأرضة، فكانت تأتيها [١] بالماء).

وهكذا رواه ابن أبي حاتم، من حديث إبراهيم بن طهمان به. وفي رفعه غرابة ونكارة، والأقرب أن يكون موقوفًا، وعطاء بن أبي مسلم [٢] الخراساني له غرابات، وفي بعض حديثه نكارة.

وقال السدي (٧)، في حديث ذكره عن أبي مالك وعن أبي صالح، عن ابن عباس وعن مُرة

الهمداني، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب رسول الله ؛ قال: كان سليمان يتحرَّد (*) في بيت المقدس السنة والسنتين والشهر والشهرين، وأقل من ذلك وأكثر، يدخل طعامه وشرابه، فأدخله في المرة التي توفي فيها، وكان بدء ذلك أنه لم يكن يوم يصبح فيه إلا نبتت في بيت المقدس شجرة، فيأتيها فيسألها، فيقول: ما اسمك؟ فتقول: اسمي كذا وكذا. فإن كانت لغرس غرسها، وإن كانت نبتَ دواء قالت: نَبَت دواء لكذا وكذا. فيجعلها كذلك، حتى نبتت شجرة يقال لها: الخروبة، فسألها: ما اسمك؟ فقالت: أنا الخروبة. قال: ولأي شيء نبَتّ؟ قالت: نبت لخراب هذا المسجد. قال سليمان: ما كان الله ليخربه وأنا حي؟ أنت التي على وجهك هلاكي وخراب بيت المقدس. فنزعها [٣] وغرسها في حائط له، ثم دخل المحراب فقام [٤] يصلى متكئًا على عصاه، فمات ولا تعلم به الشياطين، وهم في ذلك يعملون له، يخافون أن يخرج فيعاقبهم. وكانت الشياطين تجتمع حول المحراب، وكان المحراب له كُوى بين يديه وخلفه، فكان الشيطان الذي يريد أن [٥] يخلع يقول: ألست جلدًا إن دخلت فخرجت من ذلك الجانب؛ فيدخل حتى يخرج من الجانب الآخر، فدخل شيطان من أولئك فمر، ولم يكن شيطان ينظر إلى سليمان في المحراب إلا احترق. فمر ولم يسمع صوت سليمان، ثم رجع فلم يسمع، ثم رجع فوقع في البيت ولم يحترق. ونظر إلى سليمان قد سقط ميتًا. فخرج فأخبر الناس أن سليمان قد مات، [ففتحوا عليه] [٦] فأخرجوه، وَوَجدوا منسأته -وهي: العصا بلسان الحبشة- قد أكلتها الأرضة، ولم يعلموا منذ كم مات؟ فوضعوا الأرضة على العصا، فأكلت منها يومًا وليلة، ثم حسبوا على ذلك النحو، فوجدوه قد مات منذ سنة. وهي في قراءة ابن مسعود: (فمكثوا يدأبون [٧] له من بعد موته حولًا كاملًا) فأيقن


(٧) - أخرجه ابن جرير من طريق السدي (٢٢/ ٧٥).
(*) أي يعتزل ويتنحَّى.