والثالث: أنه من سلالة إسماعيل بن إبراهيم الخليل ﵉ واختلفوا في كيفية [١] اتصال نسبه به على ثلاث طرائق أيضًا.
وقد ذكر ذلك مستقصى الإِمام الحافظ أبو عمر بن عبد البر النمري ﵀، في كتابه:"الإنباه على ذكر أصول القبائل الرواه".
ومعنى قوله ﵇:"كان رجلًا من العرب"، يعني: العرب العاربة الذين كانوا قبل الخليل ﵇، من سلالة سام بن نوح. وعلى القول الثالث: كان من سلالة الخليل ﵇، وليس هذا بالمشهور عندهم، والله أعلم.
وفي صحيح البخاري أن رسول الله ﷺ مر بنفر من "أسلَمَ" ينتضلون، فقال:"ارموا بني إسماعيل، فإن أباكم كان راميًا"(١٣).
فأسلم قبيلة من الأنصار، والأنصار [٢] أوسها وخزرجها من غسان من عرب اليمن من سبأ نزلوا بيثرب لما تفرقت سبأ في البلاد، حين بعث الله عليهم سيل [٣] العرم، ونزلت طائفة منهم بالشام، وإنما قيل: لهم: غَسَّان بماء نزلوا عليه؛ قيلَ: باليمن. وقيل: إنّه قرب من المشلل [٤]، كما قال حسان بن ثابت:
ومعنى قوله:"ولد له [٦] عشرة من العرب"، أي: كان من نسله هؤلاء العشرة الذين يرجع إليهم أصول القبائل من عرب اليمن، لا أنهم ولدوا من صلبه، بل منهم من بينه وبينه [٧] الأبوان والثلاثة والأقل والأكثر، كما هو مقرر مبين في مواضعه من كتب النسب.
ومعنى قوله:"فتيامن منهم ستة، وتشاءم منهم أربعة"، أي: بعد ما أرسل الله عليهم سيل العرم، منهم من أقام ببلادهم، ومنهم من نزح [٨] عنها إلى غيرها. وكان من أمر السد أنه كان الماء يأتيهم من بين جبلين، وتجتمع إليه أيضًا سيول أمطارهم وأوديتهم، فعَمَد [٩] ملوكهم الأقادم، فبنوا بينهما سدًّا عظيمًا محكمًا حتى ارتفع الماء، وحُكمَ على حافات ذينك الجبلين، فغرسوا الأشجار واستغلوا الثمار في غاية ما يكون من الكثرة والحسن. كما ذكره غير واحد من
(١٣) صحيح البخاري، كتاب المناقب، باب: نسبة اليمن إلى إسماعيل حديث (٣٥٠٧) من حديث سلمة، ﵁.