للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن عباس: طلبوا الرجعة إلى الدنيا والتوبة مما هم فيه، وليس بحين رجعة ولا توبة.

وكذا قال محمد بن كعب القرظي .

وقوله: ﴿وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ﴾، أي: كيف يحصل لهم الإيمان في الآخرة، وقد كفروا بالحق في الدنيا، وكذبوا الرسل؟.

﴿وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾، قال مالك، عن زيد بن أسلم: ﴿وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيبِ﴾، قال: بالظن.

قلت: كما قال تعالى: ﴿رَجْمًا بِالْغَيبِ﴾، فتارة يقولون: شاعر. وتارة يقولون: كاهن. وتارة يقولون: ساحر. وتارة يقولون مجنون إلى غير ذلك من الأقوال الباطلة ويكذبون بالغيب والنشور والمعاد: ويقولون ﴿إِنْ نَظُنُّ إلا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيقِنِينَ﴾.

قال قتادة: يرجمون بالظن، لا بعث ولا جنة ولا نار.

وقوله: ﴿وَحِيلَ بَينَهُمْ وَبَينَ مَا يَشْتَهُونَ﴾، قال الحسن البصري، والضحاك، وغيرهما: يعني الإيمان.

وقال السدي: ﴿وَحِيلَ بَينَهُمْ وَبَينَ مَا يَشْتَهُونَ﴾، وهي: التوبة. وهذا اختيار ابن جرير، .

وقال مجاهد: ﴿وَحِيلَ بَينَهُمْ وَبَينَ مَا يَشْتَهُونَ﴾ من هذه الدنيا، من مال وزهرة وأهل.

وروي عن ابن عباس وابن عمر والربيع بن [١] أنس. وهو قول البخاري وجماعة.

والصحيح أنه لا منافاة بين القولين، فإنه قد حيل لينهم وبين شهواتهم في الدنيا وبين [٢] ما طلبوه في الآخرة، فمنعوا منه.

وقد ذكر ابن أبي حاتم هاهنا أثرًا غريبًا عجيبًا جدًّا، فلنذكره بطوله فإنه قال: حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا بشر بن حجر السامي، حدثنا علي بن منصور الأنباري، عن الشَرَقَى بن قُطَامى، عن سعد بن طريف، عن عكرمة، عن ابن عباس في قول الله ﷿: ﴿وَحِيلَ بَينَهُمْ وَبَينَ مَا يَشْتَهُونَ﴾ إلى آخر الآية، قال: كان رجل من بني إسرإئيل فاتحًا أي: فتح الله له مالًا -فمات فورثه ابن له تافه -أي: فاسد - فكان يعمل في مال الله بمعاصي الله. فلما رأى ذلك إخوان أبيه أتوا الفتى فعذلوه ولاموه، فضجر الفتى فباع عقاره بصامت، ثم رحل فأتى عينًا


[١]- في خ: "و".
[٢]- في خ: "وهي".