للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الآية: ﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾. ورواه ابن أبي حاتم، عن يونس، عن ابن وَهْب، عنه.

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إلا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٣)

ينبه تعالى عباده ويرشدهم إلى الاستدلال على توحيده في إفراد العبادة له، كما أنَّه المستقل بالخلق والرزق فكذلك فَلْيفرد بالعبادة، ولا يشرك به غيره من الأصنام والأنداد والأوثان. ولهذا قال: ﴿لَا إِلَهَ إلا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾ أي: فكيف تؤفكون بعد هذا البيان، ووضوح هذا البرهان، وأنتم بعد هذا تعبدون الأنداد والأوثان؟.

﴿وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٤) يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (٥) إِنَّ الشَّيطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (٦)

يقول: وإن يكذبوك - يا محمد - هؤلاء المشركون بالله ويخالفوك [١] فيما جئتهم به من التوحيد، فلك فيمن [٢] سلف قبلك من الرسل أسوة؛ فإنهم كذلك جاءوا قومهم بالبينات وأمروهم بالتوحيد فكذبوهم وخالفوهم، ﴿وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾ [أي: وسنجزيهم] [٣] على ذلك أوفر الجزاء.

ثم قال: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾، أي: المعاد كائن لا محالة، ﴿فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا﴾، أي: العيشة الدنيئة [٤] بالنسبة إلى ما أعبد الله لأوليائه وأتباع رسله من الخير العظيم فلا تَتَلَهوا [٥] عن ذلك الباقي بهذه الزهرة الفانية،، وهو الشيطان، قاله ابن عبَّاس. أي: لا يفتننكم الشيطان ويصرفنكم عن اتباع رسل الله وتصديق كلماته، فإنه غرَّار كذاب أفاك. وهذه الآية كالآية التي في آخر لقمان: ﴿فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾.


[١]- في ز: "ويخالفونك".
[٢]- في ز: "ممن".
[٣]- ما بين المعكوفتين في ز: "وستجزيهم".
[٤]- في ز: "الدنية".
[٥]- في ز: "تلتهوا".