للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (١٤)

وهذا أيضًا من قدرته التامة وسلطانه العظيم، في تسخيره الليل بظلامه والنهار بضيائه، ويأخذ من طول هذا فيزيده على قصر هذا فيعتدلان. ثم يأخذ من هذا في هذا فيطول هذا ويقصر هذا، ثم يتقارضان صيفًا وشتاء، ﴿وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ﴾، أي: والنجوم السيارات [١]، والثوابت الثاقبات [٢] بأضوائهن أجرام السماوات، الجميع يسيرون بمقدار معين، وعلى منهاج مقنن محرر، تقديرًا من عزيز عليم.

﴿[كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ] [٣] مُسَمًّى﴾، أي: إلى يوم القيامة.

﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ﴾ أي: الذي فعل هذا هو الرب العظيم، الذي لا إله غيره، ﴿وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ﴾، أي: من الأنداد والأصنام التي هي على صورة من تزعمون من الملائكة المقربين، ﴿مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ﴾.

قال ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وعطاء، وعطية [٤] العوفي، والحسن، وقتادة، وغيرهم: القطمير: هو اللفافة التي تكون على نواة التمرة. أي: لا يملكون من السماوات والأرض شيئًا، ولا بمقدار هذا القطمير.

ثم قال: ﴿إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ﴾، يعني: الآلهة التي تدعونها من دون الله لا يسمعون دعاءكم، لأنها جماد لا أرواح فيها. ﴿وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ﴾، أي: لا يقدرون على ما تطلبون منها، ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ﴾، أي: يتبرءون منكم، كما قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (٥) وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ﴾، وقال: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (٨١) كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيهِمْ ضِدًّا﴾.

وقوله: ﴿وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾، أي: ولا يخبرك بعواقب الأمور ومآلها وما تصير إليه؛ مثلُ خبير بها. قال قتادة: يعني نفسه ، بأنه أخبر بالواقع لا محالة.


[١]- في ز: "السائرات".
[٢]- في ز: "الباقيات".
[٣]- ما بين المعكوفتين في ز: "إلى أجل".
[٤]- سقط من: خ، ز.