يقول تعالى: ﴿وَالَّذِي أَوْحَينَا إِلَيكَ﴾، يا محمد من الكتاب، وهو القرآن ﴿هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَينَ يَدَيهِ﴾، أي من الكتب المتقدمة يصدقها، كما شهدت له بالنبوة [١]، وأنه منزل من رب العالمين.
﴿إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾، أي: هو خبير بهم، بصير بمن يستحق ما يفضله به على من سواه، ولهذا فضل الأنبياء والرسل على جميع البشر، وفضل النبيين بعضهم على بعض، ورفع بعضهم درجات، وجعل منزلة محمد ﷺ فوق جميعهم، صلوات الله عليهم أجمعين.
يقول تعالى: ثم جعلنا القائمين بالكتاب العظيم، المصدق لما بين يديه من الكتب، الذين اصطفينا من عبادنا، وهم هذه الأمة، ثم قسمهم إلى ثلاثة أنواع، فقال: ﴿فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ﴾، وهو: المفرط [٢] في فعل بعض الواجبات، المرتكب لبعض المحرمات. ﴿وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ﴾، وهو: المؤدي للواجبات، التارك للمحرمات، وقد يترك بعض المستحبات، ويفعل بعض المكروهات. ﴿وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾، وهو: الفاعل للواجبات والمستحبات، التارك للمحرمات والمكروهات وبعض المباحات.
قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَينَا﴾، قال: هم أمة محمد ﷺ، ورثهم الله كل كتاب أنزله، فظالمهم يُغفَر له، ومقتصدهم يحاسب حسابًا يسيرًا، وسابقهم يدخل الجنة بغير حساب.
وقال أبو القاسم الطبراني (١٩): حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح، وعبد الرحمن بن معاوية العُتْبي قالا: حدثنا أبو الطاهر بن السرح، حدثنا موسى بن عبد الرحمن الصنعاني، حدثني ابن
(١٩) - المعجم الكبير (١١/ ١٨٩) وأورده الهيثمي (١٠/ ٣٧٨) وقال: رواه الطبراني في الكبير والأوسط باختصار عنه وفيه موسى بن عبد الرحمن الصنعاني وهو وضّاع.