للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (٣١)

يقول تعالى: ﴿وَالَّذِي أَوْحَينَا إِلَيكَ﴾، يا محمد من الكتاب، وهو القرآن ﴿هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَينَ يَدَيهِ﴾، أي من الكتب المتقدمة يصدقها، كما شهدت له بالنبوة [١]، وأنه منزل من رب العالمين.

﴿إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾، أي: هو خبير بهم، بصير بمن يستحق ما يفضله به على من سواه، ولهذا فضل الأنبياء والرسل على جميع البشر، وفضل النبيين بعضهم على بعض، ورفع بعضهم درجات، وجعل منزلة محمد فوق جميعهم، صلوات الله عليهم أجمعين.

﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَينَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (٣٢)

يقول تعالى: ثم جعلنا القائمين بالكتاب العظيم، المصدق لما بين يديه من الكتب، الذين اصطفينا من عبادنا، وهم هذه الأمة، ثم قسمهم إلى ثلاثة أنواع، فقال: ﴿فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ﴾، وهو: المفرط [٢] في فعل بعض الواجبات، المرتكب لبعض المحرمات. ﴿وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ﴾، وهو: المؤدي للواجبات، التارك للمحرمات، وقد يترك بعض المستحبات، ويفعل بعض المكروهات. ﴿وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾، وهو: الفاعل للواجبات والمستحبات، التارك للمحرمات والمكروهات وبعض المباحات.

قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَينَا﴾، قال: هم أمة محمد ، ورثهم الله كل كتاب أنزله، فظالمهم يُغفَر له، ومقتصدهم يحاسب حسابًا يسيرًا، وسابقهم يدخل الجنة بغير حساب.

وقال أبو القاسم الطبراني (١٩): حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح، وعبد الرحمن بن معاوية العُتْبي قالا: حدثنا أبو الطاهر بن السرح، حدثنا موسى بن عبد الرحمن الصنعاني، حدثني ابن


(١٩) - المعجم الكبير (١١/ ١٨٩) وأورده الهيثمي (١٠/ ٣٧٨) وقال: رواه الطبراني في الكبير والأوسط باختصار عنه وفيه موسى بن عبد الرحمن الصنعاني وهو وضّاع.