للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، عن رسول الله ؛ أنه قال ذات يوم: "شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي". قال ابن عباس: السابق بالخيرات يدخل الجنة بغير حساب، والمقتصد يدخل الجنة برحمة الله، والظالم لنفسه وأصحاب الأعراف يدخلون الجنة بشفاعة محمد .

وهكذا رُوي عن غير واحد من السلف: أن الظالم لنفسه من هذه الأمة من المصطفين، على ما فيه من عوج وتقصير. وقال آخرون: بل الظالم لنفسه ليس من هذه الأمة، ولا من المصطفين الوارثين الكتاب.

قال ابن أبي حاتم، حدثنا أبي، حدثنا علي بن هاشم بن مرزوق، حدثنا ابن عيينة، عن عمرو، عن ابن عباس ﴿فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ﴾، قال: هو الكافر. وكذا رَوَى عنه عكرمة، وبه قال عكرمة أيضًا فيما رواه ابن جرير.

وقال ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: ﴿فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ﴾، قال: هم أصحاب المشأمة. وقال مالك عن زيد بن أسلم، والحسن، وقتادة: هو المنافق. ثم قد قال ابن عباس، والحسن، وقتادة: وهذه الأقسام الثلاثة كالأقسام [١] الثلاثة المذكورة في أول "سورة الواقعة" وآخرها.

والصحيح أن الظالم لنفسه من [٢] هذه الأمة. وهذا [٣] اختيار ابن جرير كما هو ظاهر الآية، وكما جاءت به الأحاديث عن رسول الله ، من طرق يشد بعضها بعضًا، ونحن نورد منها ما تيسر:

(الحديث الأول): قال الإمام أحمد (٢٠): حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن الوليد بن العيزار أنه سمع رجلًا من ثقيف يُحدّث عن رجل من كنانة، عن أبي سعيد الخدري عن النبي أنه قال: في هذه الآية: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَينَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾، قال: هؤلاء كلهم بمنزلة واحدة، وكلهم في الجنة".


(٢٠) - المسند ١١٧٦١ - (٣/ ٧٨)، وأخرجه الطيالسي في "مسنده" (٢٢٣٦) حدثنا شعبة به. ومن طريقه البيهقي في "البعث" (٥٧). وأخرجه الترمذي، في تفسير القرآن، باب: "ومن سورة الملائكة" (٣٢٢٣). وابن جرير في "تفسيره" (٢٢/ ١٣٧). من طريقين عن محمد بن جعفر به. وقال الترمذي: حديث غريب حسن، لا نعرفه إلا من هذا الوجه.