للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شَكُورٌ (٣٤) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (٣٥)

يخبر تعالى أن مأوى هؤلاء المصطفين من عباده، الذين أورثوا الكتاب المنزل من رب العالمين مأواهم يوم القيامة ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ﴾، أي: جنات الإقامة يدخلونها يوم معادهم وقدومهم على ربهم ﷿: ﴿يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاورَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا﴾، كما ثبت في الصحيح عن أبي هريرة عن رسول الله ؛ أنه قال: "تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء" (٣٣).

﴿وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ﴾، ولهذا كان محظورًا عليهم في الدنيا، فأباحه الله لهم في الدار الآخرة، وثبت في الصحيح أن رسول الله قال: "من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة" (٣٤). وقال: "هي لهم في الدنيا ولكم في الآخرة".

وقال ابن أبي حاتم (٣٥): حدثنا عمرو بن سواد السرحى، أخبرنا ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن عقيل بن خالد، عن الحسن، عن أبي هريرة ، أن أبا أمامة حدث أن رسول الله حدثهم، وذكر حلي [أهل الجنة] [١] فقال: "مسورون بالذهب والفضة، مكللة بالدر، وعليهم أكاليل من دُرٍّ وياقوت متواصلة، وعليهم تاج كتاج الملوك، شباب جُرْدٌ مُرْدٌ مكحّلُون".

﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ﴾، وهو الخوف من المحذور، أزاحه عنا، وأراحنا مما كنا نتخوفه، ونحذره من هموم الدنيا والآخرة.

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن ابن عمر؛ قال: قال رسول الله : "ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم ولا في منشرهم، وكأني بأهل لا إله إلا الله ينفضون التراب عن رءوسهم ويقولون: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ﴾ ". رواه ابن أبي حاتم من حديثه (٣٦).


(٣٣) - صحيح مسلم برقم (٢٥٠).
(٣٤) - متفق عليه من حديث أنس، رواه البخاري في كتاب اللباس (٥٨٣٢)، ومسلم في اللباس والزينة (٢٠٧٣)، ورواه البخاري من حديث ابن الزبير وعمر (٥٨٣٣، ٥٨٣٤)، ومسلم من حديث أبي أمامة (٢٠٧٤).
(٣٥) - رواه أبو نعيم في صفة الجنة برقم (٢٦٧) من طريق علي بن الحسن، عن عمرو بن سواد، به. والحسن البصري لم يسمع من أبي هريرة.
(٣٦) - عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: ضعفه ابن معين، وابن المديني، والنسائي، والحديث رواه =