للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رسول اللَّه : "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: من علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له، أو صدقة جارية من بعده".

و [١] قال سفيان الثوري، عن أبي سعيد، قال: سمعت مجاهدًا يقول في قوله: ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ﴾، قال: ما أورثوا من الضلالة.

وقال ابن لهيعة، عن عطاء بن دينار، عن سعيد بن جبير في قوله: ﴿وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ﴾، يعني: ما أثَرُوا، يقول: ما سنوا من سنة، فعمل بها قوم من بعد موته [٢]، فإن كان خيرًا فله مثل أجورهم، لا ينقص من أجر من عمله شيئًا، [وإن كانت شرًّا فعليه مثل أوزارهم، ولا ينقص من أوزار من عمله شيئًا] [٣]. ذكرهما ابن أبي حاتم. وهذا القول هو اختيار البَغَوي.

والقول الثاني: أن المراد بذلك آثار خطاهم إلى الطاعة أو المعصية.

قال ابن أبي نَجيح وغيره، عن مجاهد: ﴿مَا قَدَّمُوا﴾: أعمالهم، ﴿وَآثَارَهُمْ﴾؛ قال: خطاهم بأرجلهم.

وكذا قال الحسن وقتادة: ﴿وَآثَارَهُمْ﴾، يعني: خطاهم.

قال قتادة: لو كان اللَّه تعالى مُغْفِلًا شيئًا من شأنك يا بن آدم؛ أغفل ما تُعَفي الرياحُ من هذه الآثار، ولكن أحصى على ابن آدم أثره وعمله كله، حتى أحصى هذا الأثر فيما هو من طاعة اللَّه أو من معصيته، فمن استطاع منكم أن يكتب أثره في طاعة اللَّه فليفعل.

وقد وَرَدت [٤] في هذا المعنى أحاديث:

(الحديث الأول) قال الإمام أحمد (١٢): حدثنا عبد الصمد، حدثنا أبي، حدثنا الجُرَيري، عن أبي نَضْرَة، عن جابر بن عبد اللَّه؛ قال: خلت البقاع حول المسجد، فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا قرب المسجد، فبلغ ذلك رسول اللَّه ، فقال لهم: "إنه [٥] بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد؟ ". قالوا: نعم [٦] يا رسول اللَّه؛ قد أردنا [٧] ذلك؛


(١٢) - المسند (٣/ ٣٣٢)، وأخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصلاة، حديث (٦٦٥) من طريق كهمس عن أبي نضرة، عن جابر به.