للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واسع حسن جميل، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ﴾.

ثم قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى﴾، أي: يوم القيامة، وفيه إشارة إلى أن اللَّه تعالى يحيي قلب من يشاء من الكفار الذين قد ماتت قلوبهم بالضلالة، فيهديهم بعد ذلك إلى الحق، كما قال بعد ذكر قسوة القلوب: ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾.

وقوله: ﴿وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا﴾، أي: من الأعمال. وفي قوله: ﴿وَآثَارَهُمْ﴾ قولان:

أحدهما: نكتب أعمالهم التي باشروها بأنفسهم، وآثارهم التي أثَروها من بعدهم، فنجزيهم على ذلك أيضًا، إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر، كقوله : "من سن في الإسلام سنة حسنة، كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزرُ من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيئًا".

رواه مسلم (٩)، من رواية شعبة، عن عون بن أبي جُحَيفة، عن المنذر بن جرير، [عن أبيه جرير] [١] بن عبد اللَّه البَجَلي ، وفيه قصة المُجْتَابي [٢] النَّمار (*) [٣] المُضَريِّين.

ورواه ابن أبي حاتم عن أبيه، عن يحيى بن سليمان الجعفي، عن أبي المحياة يحيى بن يعلى، عن عبد الملك بن عمير، عن جرير بن عبد اللَّه فذكر الحديث بطوله، ثم تلا هذه الآية: ﴿وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ﴾.

وقد رواه مسلم (١٠) من رواية أبي عوانة، عن عبد الملك بن عمير، عن المنذر بن جرير، عن أبيه، فذكره.

وهكذا الحديث الآخر الذي في صحيح مسلم (١١) عن أبي هريرة ؛ قال: قال


(٩) - أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الزكاة، حديث (١٠١٧) وفي كتاب العلم، حديث (١٠١٧) من حديث عبد الرحمن بن هلال الراسبي، عن جرير بن عبد الله.
(*) النمار: جمع نمرة، وهي ثياب صوف فيها خطوط بيض وسود. ومجتابي النمار: أي: خرقوها وقوروا وسطها.
(١٠) - صحيح مسلم، كتاب الزكاة، حديث (١٠١٧) (٧٠)، وفي العلم حديث (١٠١٧) (١٥).
(١١) - تقدم تخريجه في سورة البقرة، الآية (١٢٨).