للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ﴾ أي: إنما هو أمر واحد من الله ﷿ يدعوهم دعوة واحدة [١] أن يخرجوا من الأرض، فإذا هم بين يديه، ينظرون إلى أهوال يوم القيامة.

﴿وَقَالُوا يَاوَيلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ (٢٠) هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢١) احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (٢٣) وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (٢٤) مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ (٢٥)

يخبر تعالى عن قِيلِ الكفار يوم القيامة: إنهم يرجعون على أنفسهم بالملامة، ويعترفون بأنهم كانوا ظالمين لأنفسهم في الدار الدنيا، فإذا عاينوا أهوال القيامة نَدمُوا كل الندم حيث لا ينفعهم الندم، ﴿وَقَالُوا يَاوَيلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ﴾، فتقول لهم الملائكة والمؤمنون: ﴿هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾. وهذا يقال لهم على وجه التقريع والتوبيخ، ويأمر الله الملائكة أن تُمَيز الكفار من المؤمنين في الموقف في محشرهم ومنشرهم؛ ولهذا قال تعالى: ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ﴾، قال النعمان بن بشير : يعني بأزواجهم: أشباههم وأمثالهم. وكذا قال ابن عباس، وسعيد بن جبير، وعكرمة، ومجاهد، والسدي، وأبو صالح، وأبو العالية، وزيد بن أسلم.

وقال سفيان الثوري (٨): عن سماك، عن النعمان بن بشير، عن عمر بن الخطاب : ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ﴾ قال: إخوانهم.

وقال شريك (٩) عن سماك [٢] عن النعمان قال: سمعت عمر يقول: ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ﴾ قال: أشباههم. قال: يجيء صاحب الربا مع أصحاب الربا، وصاحب الزّنا مع أصحاب الزّنا، وصاحب [٣] الخمر مع أصحاب الخمر.


(٨) - رواه ابن جرير (٢٣/ ٤٦) ثنا ابن بشار، ثنا عبد الرحمن، ثنا سفيان به، غير أنه قال: "ضرباءهم" ورواه الحاكم في المستدرك (٢/ ٤٣٠) من طريق عبيد الله بن موسى، أنبأ إسرائيل، ثنا سماك بن حرب به، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي، ورواه عبد الرزاق في تفسيره (٣/ ١٤٨) عن إسرائيل به، ليس فيه عمر، ولفظه: "أمثالهم الذين مِثلهم" وانظر ما بعده:
(٩) - لم أهتد له من هذا الوجه، وشريك هو ابن عبد الله القاضي سيئ الحفظ غير أنه متابع كما في السابق، وقد أورده السيوطي في الدر المنثور (٥/ ٥١٣) بنحو هذا اللفظ وزاد نسبته إلى الفريابي وابن أبي شيبة وابن منيع في مسنده وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في البعث -وهو غير موجود في الجزء المطبوع من البعث- فلعله عندهم أو أحدهم من هذا الوجه والله أعلم.