للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعبدون؟ فيقولون: الله وعُزَيرًا. فيقال لهم: خذوا ذات الشمال. ثم يؤتى بالنصارى فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ فيقولون: نعبد الله والمسيح. فيقال لهم: خذوا ذات الشمال. ثم يؤتى بالمشركين فيقال لهم: "لا إله إلا الله"، فيستكبرون. ثم يقال لهم: "لا إله إلا الله"، فيستكبرون. ثم يقال لهم: "لا إله إلا الله" فيستكبرون. فيقال لهم: خذوا ذات الشمال، قال أبو نضرة: فينطلقون أسرع من الطير، قال أبو العلاء: ثم يؤتى بالمسلمين فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ فيقولون: كنا نعبد الله. فيقال لهم: هل تعرفونه إذا رأيتموه؟ فيقولون: نعم. فيقال لهم: فكيف تعرفونه ولم تروه؟ قالوا: نعلم أنه لا عِدْلَ له قال: فيتعرف لهم وينجي الله المؤمنين ﴿وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ﴾ أي: أنحن نترك عبادة آلهتنا وآلهة آبائنا عن قول الشاعر المجنون، يعنون رسول الله ! قال الله تعالى تكذيبًا لهم، وَرَدًّا عليهم: ﴿بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ﴾، يعني رسول الله جاء بالحق في جميع شرْعة الله له من الإخبار والطلب، ﴿وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ﴾ أي: صدّقهم فيما أخبروا [١] عنه من الصفات الحميدة، والمناهج السديدة، وأخبر عن الله في شرعه وأمره كما أخبروا، ﴿مَا يُقَالُ لَكَ إلا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ … ﴾ الآية.

﴿إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ (٣٨) وَمَا تُجْزَوْنَ إلا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٣٩) إلا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (٤٠) أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ (٤١) فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ (٤٢) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٤٣) عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (٤٤) يُطَافُ عَلَيهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (٤٥) بَيضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ (٤٦) لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ (٤٧) وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ (٤٨) كَأَنَّهُنَّ بَيضٌ مَكْنُونٌ﴾

يقول تعالى مخاطبًا للناس: ﴿إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ (٣٨) وَمَا تُجْزَوْنَ إلا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾. ثم استثنى من ذلك عبادَه المخلصين، كما قال تعالى: ﴿وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾، وقال: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْويمٍ (٤) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (٥) إلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ وقال: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إلا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (٧١) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا﴾ وقال: ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨) إلا أَصْحَابَ الْيَمِينِ﴾ ولهذا قال هاهنا: ﴿إلا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ﴾ أي: ليسوا يذوقون العذاب الأليم، ولا يناقشون في الحساب، بل


[١]- في ت: "أخبروه".