للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿فَأَغْوَينَاكُمْ﴾ أي: دعوناكم إلى الضلالة، ﴿إِنَّا كُنَّا غَاوينَ﴾ أي: دعوناكم إلى ما نحن فيه فاستجبتم لنا. قال الله تعالى: ﴿فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ﴾ أي: الجميع في النار، كل بحسبه، ﴿إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (٣٤) إِنَّهُمْ كَانُوا﴾ أي: [في الدار الدنيا [١] ﴿إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ﴾ أي: يستكبرون أن يقولوها، كما يقولها المؤمنون.

قال ابن أبي حاتم (١٥): حدثنا أبو عبيد الله ابن أخي ابن وهب، حدثنا عمي، حدثنا الليث، عن ابن مُسافر -يعني عبد الرحمن بن خالد- عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هُرَيرة قال: قال رسول الله : "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قال: لا إله إلا الله، فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله" وأنزل الله في كتابه -وذكر قومًا استكبروا- فقال: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ﴾ ".

وقال ابن أبي حاتم أيضًا (١٦): حدثنا أبي، حدثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل، حدثنا حَمَّاد، عن سعيد الجُرَيري، عن أبي العلاء قال: يؤتى باليهود يوم القيامة فيقال لهم: ما كنتم


(١٥) - وعزاه إلى ابن أبي حاتم السيوطي في الدر المنثور (٥/ ٥١٦) ورواه الدارقطني في العلل (٩/ ١٥٥ / س ١٦٨٧) ثنا النيسابوري ثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب أبو عبيد الله به، وأورده المصنف أيضًا في (سورة الفتح / آية ٢٦) من طريق ابن أبي حاتم، ثنا أحمد بن منصور الرمادي، ثنا عبد الله بن صالح، حدثني الليث به. ورواه ابن جرير في تفسيره (٢٦/ ١٠٣، ١٠٤) والبيهقي في الأسماء والصفات (١ / رقم ١٩٦) من طريق إسماعيل بن أبي أويس عن أخيه، عن سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، وابن حبان في صحيحه (١ / رقم ٢١٨) من طريق شعيب بن أبي حمزة، كلاهما (يحيى وشعيب) عن ابن شهاب به وقوله: وأنزل الله في كتابه -وذكر قومًا استكبروا- فقال: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ﴾ وفيه زيادة بعده أيضًا ذكرها المصنف في (سورة الفتح) وهي: وقال الله جل ثناؤه ﴿وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا﴾ وهي لا إله إلا الله محمد رسول الله، فاستكبروا عنها، واستكبر عنها المشركون يوم الحديبية فكاتبهم رسول الله على قضية المدة. قال ابن كثير: والظاهر أن هذه الزيادة مدرجة من كلام الزهري والله أعلم. لكن رواه البيهقي (رقم ١٩٥) من طريق إسحاق بن يحيى الكلبي، ثنا الزهري، حدثني سعيد بن المسيب أن أبا هريرة أخبره عن النبي قال: أنزل الله تعالى في كتابه فذكر قومًا استكبروا .... وهذا ظاهره الرفع، لكن إسحاق بن يحيى وإن كان صدوقًا- فقد خالف الثقات في ذلك لا سيما وقد رواه البخاري، كتاب الجهاد (٢٩٤٦)، ومسلم كتاب الإيمان (٣٣) (٢١) والنسائي (٦/ ٤، ٧، ٧٨) من طريقين عن ابن شهاب به، دون ذكر هذه الزيادة، وانظر العلل لأبي الحسن الدارقطني (١ / س ٣)، (٩ / س ١٦٨٧).
(١٦) - إسناده صحيح إلى أبي العلاء، وهو يزيد بن عبد الله الشخير، وحماد هو ابن سلمة، وقد روى عن الجريري قبل اختلاطه .. راجع الكواكب النيرات [ص ١٨٣]- وأبو نضرة هو المنذر بن مالك بن قطعة الجدي.