للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: ثم مكثا ما شاء الله أن يمكثا، ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن: ما صنعت في مالك؟ أضربت به في شيء؟. أتجرت به في شيء؟. قال: لا، فما صنعت أنت؟ قال: أمري كله قد تم إلا شيئًا واحدًا، فلانة قد مات عنها زوجها، فأصدقتها ألف دينار، فجاءتني بها ومثلها معها. فقال له المؤمن: أو فعلت؟ قال: نعم. فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل صلى ما شاء الله أن يصلى، فلما انصرف أخذ الألف الدينار الباقية فوضعها بين يديه، وقال: اللَّهم؛ إن فلانًا -يعني شريكه الكافر- تزوج زوجة من أزواج الدنيا فيموت غدًا فيتركها، أو تموت غدًا فتتركه، اللهم؛ [إني] [١] أخطب إليك بهذه الألف الدينار حَورَاء عيناء في الجنة. ثم أصبح فقسمها بين المساكين. قال: فبقى المؤمن ليس عنده شيء.

قال: فلبس قميصًا من قطن، وكساء من صوف، ثم أخذ مَرًّا فجعله على رقبته، يعمل الشيء ويحفر الشيء بقوته. قال: فجاءه رجل فقال: يا عبد اللَّه؛ أتؤاجرني نفسك مشاهرة، شهرًا بشهر، تقوم على دواب لي تعلفها وتكنس سَرقِينها؟ قال: نعم. قال: فآجره نفسه مشاهرة، شهرًا بشهر، يقوم على دوابه. قال: فكان صاحب الدواب يغدو كل يوم ينظر إلى دوابه، فإذا رأى منها دابة ضامرة، أخذ برأسه فوجأ عنقه، ثم يقول له: سرقت شعير هذه البارحة؟ فلما رأى المؤمن هذه الشدة قال: لآتين شريكي الكافر، فَلأعملن في أرضه فيطعمني هذه الكسرة يومًا بيوم، ويكسوني هذين الثوبين إذا بليا.

قال: فانطلق يريده فلما انتهى إلى بابه وهو مُمْس، فإذا قصر مَشيد في السماء، وإذا حوله البوابون، فقال لهم: استأذنوا لي على صاحب هذا القصر، فإنكم إذا فعلتم سَرّه ذلك. فقالوا له: انطلق إن كنت صادقًا فنَم في ناحية، فإذا أصبحت فَتَعَرّضْ له. قال: فانطلق المؤمن، فألقى نصف كسائه تحته، ونصفه فوقه، ثم نام.

فلما أصبح أتى شريكه فتعرّض له، فخرج [٢] شريكه الكافر وهو راكب، فلما رآه عَرَفه فوقف عليه وسلم علية وصافحه، ثم قال له: ألم تأخذ من المال مثل ما أخذت؟! قال: بلى، وهذه حالي وهذه حالك. قال: أخبرني ما صنعت في مالك؟! قال: لا تسألني عنه. قال: فما جاء بك؟ قال: جئت أعمل في أرضك هذه، فتطعمني هذه الكسرة [يومًا بيوم] [٣]، وتكسوني هذين الثوبين إذا بليا. قال: لا، ولكن أصنع بك ما هو خير من هذا، ولكن لا ترى مني خيرًا حتى تخبرني ما صنعت في مالك؟! [قال: أقرضته] [٤] قال: من؟ قال: الملَيءَ الوفي. قال: من؟ قال: اللَّه ربي. قال وهو مصافحه، فانتزع يده من يده، ثم [٥] قال: ﴿يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (٥٢) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ﴾ -


[١]- سقط من: ز.
[٢]- في خ: "فلما خرج".
[٣]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ.
[٤]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ، ز.
[٥]- سقط من: ز.