والبستانان [١] والمرأة. قال: فإنه كان لي صاحب يقول: أئنك لمن المصَّدِّقين؟ قيل له: فإنه في الجحيم. قال: هل أنتم مطلعون؟ فاطلع فرآه في سواء الجحيم. فقال عند ذلك: ﴿قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (٥٦) وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ .... ﴾ الآيات.
قال ابن جرير: وهذا يقوي قراءة من قرأ: ﴿أئنك لمن المصّدّقين﴾.
وقال ابن أبي حاتم (٢٨): حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا عُمَر بن عبد الرحمن الأبَّار- أنا أبو حفص؛ قال: سألتُ إسماعيلَ السدّي عن هذه الآية: ﴿قال قائل منهم إني كان لي قرين * يقول: أئنك لمن المصدقين﴾؟ قال: فقال لي: ما ذَكَّرك هذا؟ قلت: قرأته آنفًا فأحببت أن أسألك عنه؟ فقال: أمَّا فاحفظْ: كان شريكان في بني إسرائيل، أحدهما مؤمن والآخر كافر، فافترقا على ستة آلاف دينار، كل واحد منهما ثلاثة آلاف دينار، فمكثا ما شاء الله أن يمكثا، ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن: ما صنعت في مالك؟ أضَرَبْتَ به شيئًا؟ أتجرتَ به في شيء؟ فقال له المؤمن: لا، فما صنعت أنت؟ فقال: اشتريت به أرضًا ونخلًا وثمارًا وأنهارًا. قال: فقال له المؤمن: أوَ فعلت؟ قال: نعم. قال: فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل صلى ما شاء الله أن يصلي، فلما انصرف أخذ ألف دينار فوضعها بين يديه، ثم قال: اللَّهم؛ إن [٢] فلانًا -يعني شريكه الكافر- اشترى أرضًا ونخلًا وثمارًا وأنهارًا بألف دينار، ثم يموت غدًا ويتركها، اللهم؛ إني اشتريت منك بهذه الألف دينار أرضًا ونخلًا وثمارًا [٣] وأنهارًا في الجنة. قال: ثم أصبح فقسمها في المساكين. قال: ثم مكثا ما شاء الله أن يمكثا، ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن: ما صنعت في مالك؟ أضربت [٤] في شيء؟ أتجرت به في شيء؟ قال: لا، فما صنعت أنت؟ قال: كانت ضيعتي قد اشتد عليّ مؤنتها، فاشتريت رقيقًا بألف دينار، يقومون بي فيها، ويعملون لي فيها. فقال له المؤمن: أو فعلت؟ قال: نعم. قال: فرجع المؤمن [حتى إذا][٥] كان الليل صلى ما شاء الله أن يصلي، فلما انصرف أخذ ألف دينار فوضعها بين يديه، ثم قال: اللهم؛ إن فلانًا -يعني: شريكه الكافر- اشترى رقيقًا من رقيق الدنيا بألف دينار، يموت غدًا ويتركهم، أو يموتون فيتركونه، اللَّهم؛ وإني أشتري منك بهذه الألف الدينار رقيقًا في الجنة. ثم أصبح فقسمها في المساكين.
(٢٨) - ولم يعزه السيوطي في الدر المنثور (٥/ ٥١٩) لغير أبي حاتم ورجاله ثقات غير أبي حفص هذا فلم أعرفه، وأخشى أن تكون كلمة أنا أبو حفص مقحمة، فإني لم أجد في الرواة عن السدي من يكنى بذلك، وكنية عمرو بن عبد الرحمن الأبار أبو حفص، فيحتمل أن يكون أنا بين عمرو وأبي حفص مقحمة، والذي جعلني لم أجزم بذلك أنهم لم يذكروا رواية لـ عمر بن عبد الرحمن عن إسماعيل السدي، فالله أعلم.