للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إبراهيم بذبحه من ابنيه إسماعيل. وإنا لنجد ذلك في كتاب الله، وذلك أن الله حين فرغ من قصة المذبوح من ابني إبراهيم قال: ﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ يقول الله تعالى: ﴿فَبَشَّرْنَاهَا [١] بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ﴾، يقول: بابن وابن ابن، فلم يكن ليأمره بذبح إسحاق وله فيه من الموعود ما وعده، وما الذي أمر بذبحه إلَّا إسماعيل.

وقال ابن إسحاق (٧٥): عن بُرَيدة بن سفيان بن فَرْوَةَ الأسلمي، عن محمد بن كعب القرظى أنَّه حدثهم: أنَّه ذكر ذلك لعمر بن عبد العزيز وهو خليفة إذ كان معه بالشام، فقال له عمر: إن هذا لشيء ما كنت أنظر فيه، وإني لأراه كما قلت. ثم أرسل إلى رجل كان عنده بالشام، كان يهوديًّا فأسلم وحَسُن إسلامه، وكان يرى أنَّه من علمائهم، فسأله عمر بن عبد العزيز عن ذلك - قال محمد بن كعب: وأنا عند عمر بن عبد العزيز - فقال له عمر: أيّ ابني إبراهيم أمِرَ بذبحه؟ فقال: إسماعيل والله. يا أمير المؤمنين، وإن يهود لتعلم بذلك، ولكنهم يحسدونكم معشر العرب على أن يكون أباكم الذي كان من أمر الله فيه والفضل الذي ذكره الله منه لصبره لمَا أمر به، فهم يجحدون ذلك، ويزعمون أنَّه إسحاق، بكون إسحاق أباهم [٢]، والله أعلم أيهما كان، وكلٌّ قد كان طاهرًا طيبًا مطيعًا لله ﷿.

وقال عبد الله ابن الإِمام أحمد بن حنبل : سألت أبي عن الذبيح، مَن هو؟ إسماعيل أو إسحاق؟ فقال: إسماعيل. ذكره في "كتاب الزهد".

وقال ابن أبي حاتم: وسمعت أبي يقول: الصحيع أن الذبيح إسماعيل . قال: ورُويَ عن علي، وابن عمر، وأبي هريرة، وأبي الطفيل، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، والحسن، ومجاهد، والشعبي، ومحمد بن كعب القرظي، وأبي جعفر محمد بن علي، وأبي صالح أنهم قالوا: الذبيح إسماعيل.

وقال البغوي في تفسيره: وإليه ذهب عبد الله بن عمر، وسعيد بن المسيب، والسدي، والحسن البصري، ومجاهد، والربيع بن أَنس، ومحمد بن كعب القرظي، والكلبي، وهو رواية عن ابن عبَّاس، وحكاه أيضًا عن أبي عمرو بن العلاء.

وقد روى ابنُ جرير في ذلك حديثًا غريبًا فقال (٧٦): حدثني محمد بن عمار الرازي،


= "الدر المنثور" (٥/ ٥٢٩) وزاد نسبته إلى عبد بن حميد.
(٧٥) - ومن طريق ابن إسحاق رواه ابن جرير (٢٣/ ٨٤، ٨٥) وبريدة بن سفيان الأسلمي "ليس بالقوي، وفيه رفض" كذا في "التقريب" وابن إسحاق مدلس وقد عنعنه غير أنَّه رواه عن محمد بن كعب مباشرة دون واسطة، وفيه تصريحه بالسماع لكن دون ذكر لعمر بن عبد العزيز في الخبر انظر السابق.
(٧٦) - إسناده واهٍ. =