وقد تقدمت قصة يونس ﵇ في "سورة الأنبياء" وفي الصحيحين (٨٢) عن رسول اللَّه ﷺ أنه قال: "ما ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى". ونَسَبَه إلى أمه وفي رواية قيل:"إلى أبيه".
وقوله: ﴿إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ﴾، قال ابن عباس: هو المُوقر. أي: المملوء بالأمتعة.
﴿فَسَاهَمَ﴾ أي: قارع، ﴿فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ﴾ أي: المغلويين، وذلك أن السفينة تَلَغَّبَتْ بها الأمواج من كل جانب، وأشرفوا على الغرق، فتساهموا [١] على من تقع عليه القرعة يُلقى في البحر، لتخف بهم السفينة، فوقعت القرعة على نبي اللَّه يونس ﵊ ثلاث مرات، وهم يضنون به أن يلقى من بينهم، فتجرد من ثيابه ليلقي نفسه وهم يأبون عليه ذلك. وأمر اللَّه تعالى حوتًا من البحر الأخضر أن يشق البحار، وأن يلتقم يونس ﵇ فلا يَهْشِمُ له لحمًا، ولا يكسر له عظمًا. فجاء ذلك الحوت وألقى يونس ﵇ نفسه، فالتقمه الحوت، وذهب به فطاف به البحار كلها. ولما استقر يونس في بطن الحوت، حسب أنه قد مات، ثم حرك رأسه ورجليه وأطرافه فإذا هو حي، فقام يصلى في بطن الحوت، وكان من جملة دعائه:"يا رب، اتخذتُ لك مسجدًا في موضع لم يبلغه أحد من الناس". واختلفوا في مقدار ما لبث في بطن الحوت، فقيل: ثلاثة أيام. قاله قتادة. وقيل: جُمْعَة. قاله جعفر الصادق. وقيل: أربعين يومًا. قاله أبو مالك.
وقوله: ﴿فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (١٤٣) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾، قيل: لولا ما تقدم له من العمل في الرخاء. قاله الضحاك بن قيس، وأبو العالية، ووهب بن منبه، وقتادة،
(٨٢) - صحيح البخاري: كتاب: الأنبياء (٤٣١٣) - وانظره بأطرافه عند رقم (٣٣٩٥) - ورواه أحمد (١/ ٢٤٢) ومسلم كتاب: الفضائل (١٦٧) (٢٣٧٧)، وأبو داود، كتاب: السنة (٤٦٦٩) من طريق شعبة عن قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس مرفوعًا به.