للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغير واحد، واختاره ابن جرير، وقد ورد في الحديث الذي سنورده ما يدل على ذلك إن صح الخبر. وفي حديث عن [١] ابن عباس (٨٣): " تَعَرّف إلى اللَّه في الرخاء يعرفك في الشدة".

وقال ابن عباس، وسعيد بن جبير، والضحاك، وعطاء بن السائب، والسدي، والحسن، وقتادة: ﴿فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ﴾ يعني: المصلين. وصرح بعضهم بأنه كان من المصلين قبل ذلك، وقال بعضهم: كان من المسبحين في جوف أبويه.

وقيل المراد: ﴿فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ﴾ هو قوله: ﴿فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (٨٧) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّينَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾، قاله سعيد بن جبير وغيره.

وقال ابن أبي حاتم (٨٤): حدثنا أبو عبيد اللَّه ابن أخي ابن وهب، حدثنا عمي، حدثنا أبو صخر: أن يزيد الرقاشي حَدّثه: أنه سمع أنس بن مالك- ولا أعلم إلا أنّ [٢] أنسًا يرفع الحديث إلى رسول اللَّه : "أن يونس النبي حين بدا له أن يدعو بهذه الكلمات وهو في بطن الحوت، فقال: اللهم، لا إله إلا أنت سبحانك، إني كنت من الظالمين. فأقبلت الدعوة تحف [٣] بالعرش، قالت الملائكة: يا رب، هذا صوت ضعيف معروف من بلاد بعيدة [٤] غريبة؟ فقال: أما [٥] تعرفون ذلك. قالوا: يا رب، ومن هو؟ قال: عبدي يونس. قالوا: [عبدك يونس الذي] [٦] لم يزل يرفع له عمل متقبل [٧]، ودعوة مستجابة؟! قالرا: يارب، أو لا ترحم ما كان يصنع في الرخاء فتنجّيَه من البلاء؟ قال: بلى. فأمر الحوت فطرحه بالعراء".


(٨٣) - رواه أحمد (١/ ٢٩٣، ٣٠٣) والترمذي، كتاب: صفة القيامة (٢٥١٦) وأبو يعلى في مسنده (٤/ ٢٥٥٦) وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (٤٢٥) والطبراني في "الدعاء" (٢ / رقم ٤٢) والبيهقي في "الشعب" (١ / رقم ١٩٥) من طريق الليث بن سعد -مقرونًا به ابن لهيعة عند الترمذي- عن قيس بن الحجاج عن حنش عن ابن عباس مرفوعًا بالحديث المشهور- "يا غلام، إني أعلمك كلمات احفظ اللَّه يحفظك … " وليس فيه اللفظة التي هنا وهذه قد رواها أحمد (١/ ٣٠٧) والبيهقي في "الأسماء والصفات" (١ / رقم ١٢٦) من طريق نافع بن يزيد وابن لهيعة وكهمس بن الحسن وهمام عن قيس بن الحجاج به ورواه الآجري في "الشريعة" (١ / رقم ٤٥٠) من طريق يزيد بن أبي حبيب عن حنش له باللفظ الأول، وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح"- قال الحافظ أبو عبدة بن منده: "لهذا الحديث طرق- انظرها في، المصدر الآتي، و "السنة" لا بن أبي عاصم (٣١٨:٣١٦) - عن ابن عباس وهذا أصحها وهذا إسناد مشهور رواته "ثقات" - نقلًا من كتاب "نور الاقتباس في مشكاة وصية النبي لابن عباس" لابن رجب الحنبلي (ص ٣٠، ٣١) وقال ابن رجب هنا أيضًا وفي "جامع العلوم والحكم" (١/ ٤٨٣): "وقد روى هذا الحديث عن ابن عباس من رواية جماعة … وفي أسانيدها جميعها مقال: وفي ألفاظها بعض الزيادة والنقص، … وأجود أسانيده من رواية حنش عن ابن عباس، وهو إسناد حسن لا بأس به" ومن هذا الوجه اختاره الضياء في "المختارة" (٨/ ١٢: ١٥) وصححه أبو عبد الرحمن الألباني كما في حاشية "السنة" (١ / رقم ٣١٦) واللَّه الموفق.
(٨٤) - وقد تقدم عند المصنف (سورة الأنبياء / آية ٨٧) كما هنا، وكذا نقله في "قصص الأنبياء" له وقد عزاه لابن أبي حاتم أيضًا السيوطي في "الدر المنثور" (٤/ ٥٩٩)، (٥/ ٥٤٠) وقد رواه ابن جرير (٢٣/ ١٠٠) حدثني يونس عن ابن وهب به، وإسناده ضعيف لضعف يزيد الرقاشي، لكن قواه المصنف بحديث أبي هريرة الآتي تخريجه- فقال في "القصص" عقب هذا الحديث "غريب من هذا الوجه، ويزيد الرقاشي ضعيف"، لكن يتقوى بحديث أبي هريرة، كما يتقوى ذلك بهذا واللَّه أعلم" وقد تابع زيد الرقاشي هنا يحيى بن العلاء عن حميد أبي صخر به: وفيه زيادة خبر أبي هريرة رواه من هذا الوجه عبد الرزاق في تفسيره (٣/ ١٥٦، ١٥٧) غير أن يحيى بن العلاء هذا مرمى بالوضع، وقد روى خبر أبي هريرة ابن جرير (٢٣/ ١٠٣) من طريق آخر بإسناد حسن.